أكرم القصاص

المجتمع الغويط.. والدولة الضعيفة

الخميس، 05 يوليو 2012 07:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصحاب نظرية الدولة العميقة يتجاهلون نظرية «المجتمع الغويط»، الذى يزدحم بالتناقضات، ويضم ملتزمين بالقانون، مع خارجين عليه، هناك معتدلون ومتعصبون، وفى السياسة هناك أنصار الدولة المدنية وأنصار الدولة ذات الأساس الدينى، هناك مواطنون وطائفيون. ومثلما يفترض أن يسعى النظام السياسى الجديد لبناء دولة مؤسسية، فهناك ضرورة للنظر إلى تعقيدات المجتمع، لأن الاكتفاء بالنظر من زاوية واحدة يقود إلى علاج خاطئ دوما.

ومثال للاختصار المخل، كان حادث مقتل الشاب أحمد حسين فى السويس، على يد مجهولين، فقد قال أهل القتيل إن من بينهم ملتحون. اتسعت التفسيرات لتقول إن الجناة، ينتمون لجماعة متطرفة للنهى عن المنكر، الإسلاميون ردوا باتهام أجهزة تهدف إلى تشويه الإسلاميين. كلا التفسيرين لا يستند إلى معلومات، وإنما شائعات، وأداة تلاعب سياسى، قبل ضبط الجناة كطريق لمعرفة الحقيقة.

ويفترض أنصار نظرية «العميقة» أن هناك أطرافا تعبث لإحراج الرئيس والسلطة، هؤلاء يتجاهلون المجتمع العميق، المعقد، الذى يزدحم بآراء واتجاهات مختلفة، ومع وجود تيارات إسلام سياسى معتدلة، وسلفيين يسعون للفهم والتعرف على المجتمع، هناك متطرفون ومتعصبون، ليسوا مختفين، وإنما ظاهرون فى السياسة والإعلام، وجزء من المجتمع الغويط، فتاوى غريبة وآراء متعصبة، ترفض المساواة بين المواطنين.

ولن نذهب بعيدا ونحن نرى من بين أعضاء الجمعية التأسيسية من لا يزال يرى الديمقراطية «وثن» أو يرفض تولى قبطى منصبا، ومن يرفض الوقوف للسلام الجمهورى ويعتبره بدعة، ولديه مرجعيات تفسر له ذلك، لدينا ضباط يعتبرون اللحية أهم من حفظ الأمن ويدخلوننا فى جدل قد يتصور البعض أنه انتهى من قرون، وهناك فى مجتمعنا ومن بين معارفنا وجيراننا ناس عاديون، وأيضا ناس يظنون أن من حقهم النهى عن المنكر ويعتبرون سير شاب مع فتاة على الكورنيش منكرا، أكثر مما يرون أن العشوائيات والفقر والفساد المالى وقطع الطرقات منكرا، ثم إنهم يمنحون أنفسهم حق تطبيق قانونهم، بعيدا عن الدولة، وفى نفس المجتمع لدينا عشرات أو مئات أو آلاف يرفضون القانون، يمارسون البلطجة ويسيرون عكس الاتجاه، يسهمون فى الانفلات الأمنى والمرورى، هؤلاء ليسوا مستوردين، بل هم من الشعب نفسه يعيشون فى المجتمع ويمثلون فى قطاعات تسهم فيما يجرى الآن، ويقاومون تطبيق القانون ولا يريدون عودة الأمن.

ربما علينا تجاوز النظر إلى ما يحدث بكاميرا واحدة، بل من كل الزوايا والوجوه، المجتمع العميق الذى يضم الثورى والفلول والإخوانى والسلفى والليبرالى واليسارى، مجتمع فيه فقراء جدا، وأثرياء جدا ومتوسطون جدا.

المجتمع الغويط يضم مواطنين صالحين ومواطنين فاسدين يقاومون التغيير، ويرفضون الديمقراطية، ويتحالفون مع التعصب والفساد لاستمرار وجودهم.

المجتمع المعقد الغويط يحتاج إلى دولة قوية، تمنح الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، وتطبق القانون بحسم وبلا استثناءات، أما الدولة الضعيفة فهى التى تحمى الفوضى وترفض الاعتراف بالأخطاء.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة