أكرم القصاص

الداخلية العميقة.. والمجرم الرومانسى

السبت، 07 يوليو 2012 07:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نظرية الدولة العميقة والمؤامرات الرهيبة سقطت بسرعة وأخلت مكانها للمجتمع الغويط، والسلطة المتمركزة حول الكرسى، ولعل قضية قتيل السويس خير دليل. قبل أن يتم تحديد المتهمين، سارع البعض فى التبرئة أو الإدانة، ضمن حالة انحياز مسبق متجاهلين أن هناك جريمة وروحا تم إزهاقها بالباطل. رأينا كتابا وسياسيين يعتبرون الجريمة من فعل أمن الدولة، والدولة العميقة، حتى فوجئوا بأن القتلة متدينين كما قال وزير الداخلية ومتعصبين كما يبدو من الأمر.

وزير الداخلية محمد إبراهيم بدا فى مؤتمره الصحفى حريصا على تسفيه الجريمة. استبق التحقيقات ووضع البوليس مكان النيابة والقضاء. كان يكفى أن يخرج ليعلن القبض على المتهمين وإحالتهم للنيابة، لكنه ألقى خطبة يبرر فيها القتل، ويصف المتهمين بأنهم كانوا يريدون النصيحة وكاد يقول « انظروا إلى وجوههم البريئة» أو يصفهم بالرومانسية. وقال إن القتيل لو اعتذر للقتلة لتركوه ومر الأمر بسلام، وتبنى الوزير وجهة نظر المتهمين أن القتيل كان يجلس فى مكان بعيد ومظلم فى وضع مخل، وأن المتهم «الشيخ» وليد ذهب لينصحه فدفعه، مما جعل الجانى يضربه «بكتر»، والكتر هو أحد أدوات القتل السريع للبلطجى لأنه يقطع شريان الفخذ.

لو افترضنا حسن النوايا فقد يكون هدف الوزير انتزاع فتيل فتنة، لكن من وجهة نظر القانون فالوزير يرسخ لفتنة أخرى. شهود فى السويس قالوا إن مكان الجريمة عام، وشهود تحدثوا عن أن المتهمين جزء من جماعة سبق طردهم من مسجد يرتادوه لتعصبهم وإيذائهم للناس.

وزير الداخلية لم يبد انزعاجا من التدخل فى الحياة الخاصة بوصفه جريمة ذات تداعيات خطرة، قد تتحول إلى طريقة للانتقام، ولم يلتفت إلى أن المتهمين وضعوا أنفسهم مكان الدولة، واغتصبوا دور الشرطة.

قد تكون مثل هذه الحوادث فردية الآن، لكنها لها أصول فى المجتمع، وقد رأينا فيديو لحازم أبوإسماعيل يشرح لمريديه كيف يمكنهم النهى عن المنكر والتحرك فى جماعات، واحد منهم يتحرك ليطلب من المخطئ - من وجهة نظره - أن يتراجع، فإذا اشتبك يتدخل باقى العصبة للتحجيز والدفاع عن رفيقهم، ربما تكون مصادفة أن الثلاثة تصرفوا بناء على فكرة الشيخ. لنجد من يقتل متصورا أنه ينهى عن المنكر.

وعلى أصحاب نظرية الدولة العميقة التى تلعب ضد الرئيس، أن يراجعوا أنفسهم طبقا لنظرية «الملك هو الملك»، حيث يتحول طلاب السلطة للعب دور عباد الشمس، والعمل من أجل الجالس فى الكرسى الرئاسى أيا كان، متصورا أن حرق البخور وتبرير الأفعال المتعصبة يرضى الرئيس، ولا يدرك أن تبرير اغتصاب دور الدولة، يضر الدولة والسلطة والرئيس. حيث يصبح أمن دولة مبارك هو أمن دولة مرسى وليس أمن مجتمع وبلد وممتلكات. لقد بدا وزير الداخلية هنا ممثلا لدولة سطحية تبحث عمن ترضيه تلعب مع السلطة - أى سلطة - من أجل السلطة. حتى ولو على حساب القانون.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة