يفتقر الإعلام المصرى إلى أطر قانونية منظمة، ومؤسسات للمحاسبة والتدقيق فى مدى الالتزام بالمهنية ومواثيق الشرف، لذلك تتعاظم تبعية وسائل الإعلام للحكومة، ولرأس المال وشركات الإعلان، وتتقلص حرية الإعلام فى الوقت الذى يتضخم دوره فى الصراع السياسى والاجتماعى، وتتحول وسائل الإعلام إلى أداة دعائية تعكس مصالح الجهات التى تمولها، أو تتحكم فيها. نتج عن هذه الأوضاع البائسة مجموعة من الممارسات غير المهنية، وغير الأخلاقية اتخذت شكل الحملات الدعائية، لعل أهمها:
1 - الترويج للمجلس العسكرى والدفاع عنه، مقابل حملات انتقدت دوره، وأساءت إلى صورته.
2 - تشويه صورة الثورة والثوار، والاغتيال المعنوى لشباب الثورة وقياداتهم، أو احتواؤهم بمناصب وهمية، منها تقديم برامج تليفزيونية فاشلة.
3 - إثارة مخاوف الأغلبية الصامتة من استمرار الثورة، وتأثيرها السيئ على الاستقرار والاقتصاد، وتحميل مسؤولية الأمن وتدهور الاقتصاد للثوار، وليس للحكومة والمجلس العسكرى المسؤولين عن إدارة البلاد.
4 - شن أكبر حملة تفزيع من الإخوان والسلفيين بعد فوزهم فى الانتخابات البرلمانية، مع تضخيم أخطائهم فى البرلمان، مما فتح الطريق لقبول الرأى العام قرار حل مجلس الشعب.
5 - تقديم تغطية إعلامية متحيزة فى انتخابات الرئاسة لصالح عمرو موسى، وشفيق، على حساب باقى المرشحين، وقد ترافقت مع هذه التغطية المتحيزة، وسبقتها أحيانا، استطلاعات رأى زائفة، ومناظرة تليفزيونية فاشلة خضعت لهيمنة وكالة إعلانية.
6 - السكوت عن فتح ملفات الفساد والإفساد فى النظام السابق، نتيجة تورط عدد من مالكى وسائل الإعلام الخاصة فى هذا الفساد، إضافة إلى تحالفهم السياسى مع نظام مبارك.
لا يتسع المقام لذكر التفاصيل، لكن تكفى الإشارة إلى تورط الإعلام الحكومى والخاص بدرجات مختلفة، حيث شارك الجميع فى صنع أجندة اهتمام وسائل الإعلام والجمهور، وكذلك فى استضافة أو استكتاب أشخاص بعينهم، عددهم محدود للغاية، وحضورهم مكثف ومنتشر فى كل القنوات، وكأنه لا يوجد فى مصر غيرهم من خبراء واستراتيجيين! ولاشك أن بعض البرامج والصحف قد حاولت التخلص من تلك الممارسات غير المهنية، لكن محاولاتها لم تستمر، حيث جرت معاقبتها إعلانيا، كما أن بعض ملاك القنوات والصحف الخاصة تدخلوا لمنع بعض مقدمى البرامج والصحفيين من العمل، والأمثلة كثيرة، وبطعم الفضيحة، فقد كتبت نهاية برامج على الهواء، وقطع أحد مالكى القنوات البث عن برنامج آخر، أو أمر بوضع نهاية البرنامج قبل أن ينتهى!
انتهاكات حقوق الإعلاميين، وحقوق المواطنين فى معرفة الحقائق ظواهر تسىء إلى ثورتنا التى من أول أهدافها الحرية، وفى مقدمتها حرية الإعلام، وبالتالى لا يمكن السكوت عن تدهور أوضاع الإعلام، ولابد من التوافق على حل سريع يضمن حرية الإعلام، وحقوق الإعلاميين والمواطنين، والبداية ليست فى قيام مجلس الشورى باختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، فهذه بداية سيئة تعيد للحياة تقاليد هيمنة الحزب الوطنى على الصحف، وتشجيع النفاق الصحفى لحزب الأغلبية.. أتصور أن البداية الحقيقية هى إصدار قانون شامل ينظم أوضاع الإعلام السمع بصرى، والصحافة المطبوعة والإلكترونية، بحيث يتماشى مع أوضاع المجتمع بعد الثورة، وهنا تبرز إشكالية، ومن يصدر هذا القانون؟ هل المجلس العسكرى، أم ننتظر مجلس الشعب الجديد بعد إجراء انتخابات؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة