الأحمق يؤذى نفسه والدبة تقتل صاحبها من دون قصد. وفى السياسة، الخطر الأكبر قد يأتى من حلفاء، وليس من الخصوم. فيما يخص تجربة جماعة الإخوان مع السلطة، لم تختلف كثيرا عن الحزب الوطنى وأى حزب حاكم،، يواصلون السعى لاحتلال كل المواقع بالولاء، وليس الكفاءة. وإذا حدثتهم يردون بأن مبارك كان يفعل ذلك ولا أحد يواجهه، ولا ينتظر ليعرف أن هذا هو نفسه الاستبداد الذى أدى لسقوط نظام مبارك، وهو نفسه الذى يسقط كل الأنظمة.
رغبة عارمة فى احتلال كل المواقع التى كان يسيطر عليها الحزب الوطنى فى السياسة وباقى المفاصل، فى الإعلام والأمن والقضاء. فى الإعلام كانت قوائم برؤساء تحرير متزامنة مع اختيار وزير إعلام من الجماعة، متزامناً مع صدور قرار بإغلاق قناة الفراعين، وحكم بمصادرة صحيفة الدستور.
مهما كانت درجة الخلاف مع قناة أو مذيع أو صحيفة، أو اتهامها بالتحريض أو قلب نظام الحكم إلى آخر الاتهامات المطاطة التى يزدحم بها قاموسنا وترسانة قوانيننا. فالخلاف مع شخص أو تيار أو صحيفة لا يبرر الإغلاق، والقانون يكفى لمحاسبة من يقذف أو يسب بغرامات وتعويضات رادعة.
لا أحد يوافق على الإساءات أو القذف والسب، لكن الخلاف فى طريقة المواجهة، والذين يطالبون بمعاقبة المتجاوزين والشتامين فى الإعلام يتجاهلون أن لدينا ترسانة قوانين لو طبقت لما صدرت صحيفة ولا قناة. لكنها كانت ومازالت تطبق بشكل انتقائى ضد الخصوم وتعطل مع الموالين. حيث تغلق الفراعين وتترك عشرات مثلها، وتصادر الدستور وتفرض حماية على صحف تشتم وتسب خصوم الجماعة. والازدواجية ظهير التسلط. ولا حل إلا القانون الواحد الذى يطبق بلا استثناءات. ليكون خصوم الجماعة مثل حلفائها متساوين أمام القانون.
من هنا تأتى أهمية تصريحات الأستاذ محمد عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان، التى تبدو صادمة. عاكف هو المرشد صاحب أكبر كمية من التصريحات الصادمة والمثيرة، وصاحب تعبير «طظ فى مصر»، تعليقاً على سؤال هل نساند المسلم الماليزى أكثر من المصرى المسيحى. الرجل عبر عن تصور لدى قطاع واسع من الجماعة يرى أن الدين أهم من المواطنة.. طظ جديدة أطلقها المرشد السابق وأعلن أن من لا يرتضى الحكم الإسلامى طظ فيه ومن يرفض حكم الإخوان طظ فيه.
الأستاذ عاكف يعلن موقفه بلا مواربة ويصدر الطظ فى مواجهة المخالفين. ولهذا هو الوحيد من بين مرشدى الجماعة الذى ترك الموقع وهو على قيد الحياة، باختياره أو مجبرا. لأن الطموح السياسى للجماعة لا يحتمل إعلان الرأى والموقف بالوضوح الذى يعلنه عاكف. والجماعة مراعاة للسياسة ومناوراتها يفضلون إخفاء «الطظ»، وإعلان مواقف عائمة تحمل أوجه مختلفة، ومن هذا المنظور فالأستاذ عاكف لا يصلح للعمل السياسى، هم يوافقون على الطظ، ويختلفون فى شكلها وتوقيتها. وفى النهاية الكل يقول طظ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة