قفكما كان متوقعاً فقد استقر الحكم والسلطة للرئيس محمد مرسى، وسواء كان إقصاء طنطاوى وعنان وإبعاد المجلس العسكرى، باتفاق أو خطة، أو انقلاب من داخل الجيش، فهو أمر طبيعى فى توازنات السلطة وليس فيه ما يفاجئ، الانقلابات أو انتزاع السلطات عادة ما يكون جزءا من المراحل الانتقالية، وكنا فى مرحلة الشك فيها أكثر من اليقين، ولم يكن منطقياً أن يظل القرار موزعا ومقسوما، لكن الأمر انتقل من حالة غير طبيعية إلى حالة أخرى غير طبيعية، حيث لايمكن لفرد أن يحمل كل هذه الصلاحيات دون أن يقع فى أخطاء، خاصة أن الرئيس محاط بجماعة وحزب لا يبدو أنهم يشبعون من السلطة، ولديهم نهم واضح لا يحتاج إلى براهين، وسوف تظل الأوضاع غير مستقرة حتى ينتهى رسم السلطات المختلفة وتحديد الصلاحيات التى كانت هى الأصل فيما كنا جميعا فيه.
وكالعادة سنبقى أمام تحليلات وتفسيرات لما جرى، بعضها يدخل فى سياق ضرب الودع.
المؤكد أن الرئيس انتزع سلطة التشريع مع سلطة التنفيذ، وأصبحت صلاحياته مطلقة تفوق صلاحيات أى رئيس قبله، بما يعنى أن المرحلة الانتقالية بدأت فعلا، وأن مصر فى طريقها للانتقال إما إلى حكم شعب ديمقراطى أو إلى حكم فرد والعودة إلى ما كنا عليه، لم تعد هناك مجالات للقول بأن هناك أجهزة أو دولة عميقة أو نقص فى صلاحيات، بل العكس هو الصحيح فقد أصبحت سلطات الرئيس مطلقة، تتجاوز صلاحيات أى رئيس فى تاريخ مصر، وهى نفس الصلاحيات التى اعترض عليها الشعب فى ثورته.
صحيح هى فترة انتقالية، لكنها مشحونة بشكوك وتساؤلات عما إذا كان مرسى سيكون رئيسا لمصر أم رئيساً لجماعته، خاصة ونحن أمام حزب وجماعة لا يتركون فرصة إلا ويعلنون أنهم أصحاب القرار، وهناك شكوك من سوء استعمال السلطة لتمكين أهل الثقة فى مفاصل الدولة.
هى مخاوف طبيعية، فى ظل صورة تحتلها جماعة الإخوان وتكاد تغطى على صورة الرئيس، الذى يحتاج إلى التخلص من بطانة السوء التى تصنع الديكتاتورية خطوة خطوة. هناك من يحرض الرئيس على إعادة مجلس الشعب وتصفية المحكمة الدستورية وإعادة تنظيم القضاء ليناسب مطالب الجماعة وهو أمر لو جرى لكان أخطر ما يمكن فعله لأنه سيصنع قضاء بالمقاس وبرلماناً تابعاً، وسوف يبقى الوضع السياسى غير مستقر طالما بقيت السلطات مركزة فى يد واحدة أياً كان صاحبها، والتسلط لا يتم مرة واحدة وإنما على خطوات. ويصنعه ترزية قوانين وقضاة ورجال قانون، هم كهنة أى استبداد.
ونحن نعرف أن التاريخ لا يكرر نفسه، لكنه يبيح اقتباس بعض مشاهده، وهو ما يحدث الآن، وقد انتهى التأييد أو المعارضة لقرارات مرسى، ويبقى ما سوف يفعله بالسلطات، هل ينقل مصر إلى دولة ديمقراطية الحكم فيها للشعب أم يعيدها إلى حكم الفرد والحزب.. الإجابة مع مرسى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة