حنان شومان

من ظلام المخلوع إلى نور النهضة.. يا نور النبى

الثلاثاء، 14 أغسطس 2012 10:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نبدأ كلمتنا بالصلاة على النبى حتى نتفق إننا جميعا أهل أرض واحدة تضمنا على الأقل حتى الآن، فيبدو أن المصريين يحتاجون جميعاً لمن يؤذن فى آذانهم ويطالبهم بالصلاة على النبى لعلهم يأخذوا نفساً عميقاً قد يهدئ من روعهم ومشاكلهم وغلبهم العام.
أما بعد، فإنى سأبدأ الحكاية بمقالة نشرتها فى نفس هذه الجريدة فى يونيو2011 أى منذ عام وشهرين بعنوان الليمبى مرشح الرئاسة دقى يا مزيكا وفيها كتبت: «جزء من الخلاص من الذنب هو الاعتراف به، ولذا فأنا أعترف بأنى قد خاصمت كل برامج المساء والسهرة والمكلمة الليلية بعد أن اكتشفت محطة فضائية تمسح عنى هموم الأيام التى نعيشها، لأنها تعرض يوميا نسخة متجددة من فيلم كوميدى يشبه تماما فيلم اللمبى ولكن بتصرف. وللحق كنت قد هاجمت هذا الفيلم فى حينه غير أنى أعترف بأننى اكتشفت نفسى متلبسة بالضحك منه فى فترات الضغط النفسى الشديد، ولأن من الصعوبة أن أعيد مشاهدة نفس الفيلم كل ليلة فى مثل هذه الأيام التى تضغط علينا جميعاً، فقد وجدت الحل مع قناة الفراعين وفيلمها اليومى المتمثل فى برنامج مصر اليوم الذى يقوم ببطولته توفيق عكاشة صاحب القناة ومذيعها الرئيسى، فالرجل يقدم وجبة كوميدية تشبه تماماً ما قدمه اللمبى فى السينما فهو يؤدى دوراً جديداً على برامج التوك شو الليلية التى يبدو أنه بحث فى دروبها، وقرر أن يكون مبتكراً، يتعامل مع الجمهور بمنطق المصطبة اللمباوية، إن جاز التعبير.
توفيق عكاشة يقول كل ما يريد دون ساتر أو مواربة تماما مثل اللمبى الذى كنا نضحك وهو يسب أمه ولا نستنكر ذلك لأنه اللمبى فمغفور له خطاياه. وكنت أتعجب لِمَ يتحدث عكاشة بلكنة أهل الريف أحيانا، وبلكنة المناطق الشعبية فى أحيان أخرى، وفى مواضع أخرى تجده «صعيدى» أى أنه قرر القيام بعدة أدوار فى دور واحد.
ولم يطل تعجبى لأن أى مراقب للمشهد العام سيرى أن كل محطات التليفزيونات وبرامجها تحدث فقط أهل المدينة بل أغلبها يُحدث أحياناً طائفة واحدة، متناسين أن سكان مصر هم 85 مليون نسمة، أغلبهم فى بحرى وقبلى فلاحون ومن مناطق شعبية لا يتحدثون مثل ريهام أو ريم أو منى أو يسرى أو معتز أو حتى عمرو. قرر توفيق عكاشة أن يلعب فى ملعب لا تطؤه قدم مذيعين وبرامج أخرى وهنا تكمن خطورة لمبى الفضائيات لأنه يحدث جمهوراً مهملاً من الإعلام ولكنه موجود ويمثل الأغلبية الحقيقية لمصر.
اللمبى فى السينما صنع اتجاهًا جديداً لشخصية البطل واستطاع لعدة مواسم أن يحصد إيرادات الشباك، ولمبى الفضائيات إن كنت أنا وأنت أو غيرنا نأخذه كفقرة كوميدية إلا أن هناك آخرين سيأخذونه مأخذ الجد فى زمنٍ الهزل فيه مكلف لنا جميعاً. اللمبى على الفضائيات قرر أن يرشح نفسه رئيسا لمصر فهل هناك من هزل فى الجد أكثر من هذا؟!» انتهت مقالة يونيو2011.. إذاً أنا من هؤلاء الذين نبهوا مبكراً جداً لخطورة نوعية إعلام اللمبى وتداعياته، ولكنى الآن ولعجبى، مضطرة للدفاع ضد غلق هذه القناة بالطريقة والأسلوب الذى تم به غلقها، ونفس الأمر بالنسبة لجريدة الدستور التى تمت مصادرتها، فأنا لست من قرائها حاليا ولكنى أيضاً مستعدة للقتال من أجل عدم مصادرتها، أما الهجوم على صديقى ورفيق رحلة العمل خالد صلاح والزميل يوسف الحسينى فإنى أحبهما وأحترمهما وإن كنت كثيراً ما أختلف معهما، ولكن الاعتداء عليهما يمثل نقطة ظلام ككثير من بقع الظلام التى صارت تحيط بنا.
حذار أن تفرح لضرب صحفى تكرهه أو غلق صحيفة لا تقرأها أو تسويد شاشة مذيع أو برنامج تمقته لأن غداً سيضربون صحفيا تحبه وتحترمه ويؤثر فيك، وسيغلقون صحيفة ترى أنها تمنحك المعرفة واتساع الرؤية وسيسودون شاشة محطة تنقل لك الحدث فور وقوعه وتسمح لك بأن ترى العالم من مكانك.
منذ أكثر من قرنين وثلاثين عاما مات الفرنسى فولتير صاحب المقولة الشهيرة «قد أختلف معك فى الرأى لكنى مستعد لأن أدفع عمرى لحقك فى إبداء رأيك» فيلسوف ومصلح وإنسان عظيم عاش يحارب التعصب ويطالب بالحرية، وحين قال قولته تلك لم يكن «عبيط أو غبى» ولكنه كان حكيماً يعرف جيداً أن منع رأى مخالف له هو طوق سيلتف يوماً على رقبته، لذا فكان يدافع حتى عمن يختلفون معه فى الرأى إلا فى حالة واحدة وهى مع كهنة الكنائس لأنه كان يعرف أنهم يستغلون الدين لأهدافهم، وليس من أجل الخالق.
وعلى كل، فإن التعصب، أى تعصب، قادر على أن يحول المجتمع، أى مجتمع، إلى مصحة عقلية كاملة بدون أطباء أو أسوار أو قضبان يُحجز خلفها الناس بل يعاشر المرء المجانين فى وضح النهار جهاراً عياناً وعليه أن يتحمل أذاهم ويستمع بل أحياناً يقرأ هلاوسهم وهل ما نحياه الآن إلا صورة مما وصفت، فضرب الألتراس الزملكاوى لمعتصمى المنصة، وضرب معتصمى المنصة للمخالفين لهم يوم جنازة شهداء حادث سيناء وحديث خالد عبدالله على قناة الناس الذى يقول فيه إن جماعات مسيحية مسلحة ستقوم بحرق مقرات الإخوان.. أليس كل هذه الأحداث وما شابها إلا ضرب من التعصب الذى يفضى للجنون!.
وختاماً للجنون والتعصب تصدر صحيفة الحرية والعدالة، المعبرة عن الحزب وجماعة الإخوان، منذ يومين بعنوان بالبنط العريض يقول «من ظلام المخلوع إلى نور النهضة».. عزيزى القارئ، الله أكبر فى ودنك وصلى على النبى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة