بديهية.. القضاء العادل أهم أركان أى نظام سياسى ديمقراطى. ومن دون القضاء يصعب تصور وجود نظام مؤسسى. نقول هذا بمناسبة الجدل الذى تجدد بعد تولى المستشار أحمد مكى وزارة العدل، والأمل الذى تجدد لدى كثيرين من تولى أحد رموز تيار استقلال القضاء لمنصب وزير العدل.
الرجل بدأ بالفعل خطوات لاقت تأييداً، منها نقل التفتيش القضائى للمجلس الأعلى للقضاء بدلاً من وزارة العدل وهو مطلب قديم. وهذه التعديلات اقترحتها حكومة الدكتور عصام شرف فى يوليو 2011 ضمن تعديلات على قانون السلطة القضائية.
اهتمام وزير العدل بإبعاد القضاء عن الحكومة، وجد تجاوبا من القضاء، لكن تصريحاته ضد المحكمة الدستورية العليا، لم تواجه نفس التأييد، وبدت تدخلا غير مبرر على القضاء من جهة تنفيذية. مكى انتقد أحكام المحكمة الدستورية العليا، وقال إنها كان يجب أن تراعى التوقيت السياسى، وقال هذا فى معرض الحديث عن رفضه تسييس القضاء. بينما كان هو نفسه يطلب من المحكمة أن تراعى التوقيت وألا تحكم ببطلان مجلس الشعب. مكى أثار اعتراضات منها المحكمة الدستورية نفسها التى أصدرت بياناً شديداً رداً على وزير العدل.
الأمر بدا أكبر من مجرد تصريحات للوزير، ورد من الدستورية، لكنه يكشف عن خلافات تتجاوز هذا، كل الأطراف تطالب بعدم تسييس القضاء، إلا أن السياسة فرضت نفسها على القضاء من سنوات، ومنذ خرج القضاة من المنصة للشارع، وأصبح التعليق على أحكام القضاء من قضاة أمراً عادياً، ودفعت الازدواجية البعض إلى أن يتعامل مع أحكام القضاء بالمزاج، فإذا وافقت أحكام الدستورية هوى البعض فهى جيدة، وإن عاكستها فهى مسيسة. هناك خلافات سياسية، ظاهرهاً الخلافات القانونية والقضائية. وتسريبات عن رغبة من الرئيس مرسى فى الانتقام من المحكمة الدستورية التى أبطلت قراره بإعادة مجلس الشعب. وقد أعلن الرئيس عن عدم المساس بالمحكمة، وجاء النفى ليكشف عن أشباح مختلفة، لها ظل من الحقيقة، وقد حرض البعض من جماعة الإخوان الرئيس مرسى لإلغاء المحكمة، ونقل عن وزير العدل أنه طالب بألا يكون هناك وضع خاص للمحكمة الدستورية العليا فى الدستور.
كل هذه المؤشرات، تكشف عن وجود أصابع وظلال وأشباح للسياسة فى الأمر. ولو ترك الباب لتدخلات سياسية سيبقى عرضة للتدخل. والرهان أن يعلى وزير العدل المنصة على خلافات سياسية أو أيديولوجية.
لقد تحدثنا كثيراً عن أهمية توفير القضاء المستقل العادل، وكيف أن أى حاكم لو توقع أن يقف أمام القضاء متهما، ما تدخل بتعسف، وتركه نهبا لسلطة متعسفة تغيره حسب الهوى.
القضاء هو أهم سلطة يجب البحث فى إصلاحها ومنحها استقلالها الكامل، فمن دونها يصعب الحديث عن انتخابات أو دستور أو قانون، عندما تتجاوز السلطة التشريعية والتنفيذية، فالقضاء هو الذى يلزمها بالصواب. ولهذا يجب أن يتم إبعاده عن السياسة. أو بمعنى أصح أشباح السياسة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة