ما نتابعه حالياً من حملات ومظاهرات التأييد للرئيس محمد مرسى من جماعته وما نقرأه ونسمعه من كلمات النفاق والتزلف لبعض الصحفيين والإعلاميين والسياسيين ورجال الدين له هو أسوأ ما يواجه الرئيس فى بداية حكمه، بل هو خطر يهدد مسيرة حكمه إذا صدق على كل ما يقال له فى خطوات رئاسته الأولى وتصويره، على أنه الرئيس الحكيم والزعيم والملهم والفارس وصاحب القرارات التاريخية والثورية. المأساة ربما لا تكون فى الرئيس فلا تثريب عليه وإنما هى فى المتحولين والمنافقين الذين أصبحوا بين ثورة وضحاها من عشاق الرئيس مرسى ومحبيه والعاكفين فى محراب حكمته وزعامته والمتيمين بحنكته وخبرته السياسية العريضة، رغم أن هؤلاء هم ذاتهم الذين مارسوا ذات النفاق وبنفس درجة الحماس والحمية مع نظام الرئيس المخلوع مبارك، ثم عادوا مع مرسى دون حياء أو خجل، وإن زاد عليهم بعض أصحاب العمامات واللحى تماشيا مع الطقس السياسى السائد حالياً.
المنافقون والمتسلقون والمشتاقون تجدهم فى كل عصر وأوان، ومع كل حاكم ورئيس وهم أخطر عليه من نفسه، وعليه أن يحذرهم ويتقى نفاقهم ولا يصدق أوصافهم له، ولا يلتفت إلى ما يقولونه بأفواهم، فهم شر البرية وخطر داهم ومحدق بأى حاكم أو ملك أو رئيس أول من يفروا ويقفزوا من السفينة إذا غرقت مثل الفئران، انتظاراً للرئيس القادم، لأن بمثل هؤلاء ومن سبقهم ومن أتى بعدهم قهر الحكام الشعوب وقهروها وساقوها كالقطيع.
بعض هؤلاء المنافقين والمتحولين فى نفاقهم للرئيس مرسى وقراراته الأخيرة بإحالة المشير طنطاوى والفريق عنان للتقاعد وتشبيه هذه القرارات بقرارات مصيرية فى فترات نضال وكفاح الشعب المصرى مثل تأميم القناة وحرب أكتوبر المجيدة، يذكرونى بأبوالشعراء المنافقين على مر العصور وهو الشاعر الأندلسى محمد ابن هانئ الأندلسى الذى نافق الخليفة المعز لدين الله الفاطمى فى المغرب قبل مجيئه لمصر وجعل منه إلها ونبيا من أجل أن يحتمى به وأن يرجو رضاه وعطفه ودنانيره، حين قال فيه قصيدة تمطر نفاقا مطلعها:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار
فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنما أنت النبى محمد
وكأنما أنصارك الأنصار
أنت الذى كانت تبشرنا به
فى كتبها الأحبار والأخبار
هذا إمام المتقين ومن به
قد دوخ الطغيان والكفار