يذكر بيان السلفية الجهادية بمنطق بعض القوميين العرب فى الستينيات بأن تحرير القدس لابد أن يمر عبر عواصم النظم الملكية التقليدية المتحالفة مع أعداء النظم القومية العربية، وبدلا من أن يركز النظام العربى بجميع أنظمته فى مواجهة العدو الصهيونى وهزيمته تفرغ لمحاربة بعض دوله بعضها الأخرى ولما حانت ساعة المواجهة الكبرى مع العدو الصهيونى عام 1967 هزم جيش الاحتلال الصهيونى كل الجيوش العربية بضربة واحدة، وفقدنا القدس الشرقية وسيناء كاملة والجولان التى لا تزال محتلة وتحول جيش العصابات الصهيونية لجيش لا يقهر.
الآن بعد استمرار العملية نسر للجيش المصرى فى سيناء عقب مجزرة رفح فى مطلع هذا الشهر- وبلا توقف تخرج السلفية الجهادية ببيان تقول فيه للجيش المصرى وللشعب المصرى وللمثقفين المصريين – نحن نريد إيذاء العدو الصهيونى ولا نستهدف الجيش فدعونا نضرب الكيان الصهيونى، هذا هو المنطق الخطأ، فنبل مقصدك لا يعنى أن يتنازل لك الجيش المصرى عن منطقة الحدود فى سيناء لتتخذها منصة لإطلاق صواريخ جراد على إيلات أو غيرها، هنا لابد من احترام سيادة مصر على أراضيها لأن اتخاذ سيناء مجالا للانطلاق نحو عمليات داخل الكيان الصهيونى من جانب السلفية الجهادية سوف تقود إلى إظهار مصر بصورة الدولة العاجزة عن بسط سيادتها على حدودها، ومن ثم يتم طرح فكرة التدويل لسيناء أو دخول الناتو أو دخول الجيش الصهيونى نفسه على الخط باعتبار أن الجيش المصرى غير قادر على المواجهة.
يا أيها السلفيون الجهاديون اتخذوا من أرض غير سيناء منطلقا لمهاجمة العدو الصهيونى، أو دعوا سيناء يحميها جيشنا المصرى حتى لا تستغل إسرائيل فرصة عجز مصر عن فرض سيطرتها على سيناء وتدعو لسحبها من تحت السيطرة المصرية.
الجماعات السلفية الجهادية ذات الطابع الأممى عليها أن تتحرك وفى تقديرها وجود دول قطرية لها حدودها وأنه لابد من احترام هذه الحدود حتى لا يتعرض العالم العربى لمزيد من التفتت، فإذا كانت عملياتك ضد الكيان الصهيونى ستقود إلى خروج سيناء من تحت سلطان مصر فمقاصد الشريعة تقول إن بقاء مصر موحدة وسيناء درة جبينها جزء منها هو الأولى خاصة أن عملياتك لن تقود إلى هزيمة إسرائيل وتحرير فلسطين وبيت المقدس، فتلك عملية طويلة ومعقدة جدا.
السلفيون الجهاديون فى بيانهم يقولون للجيش المصرى دعنا نتحرك بحريتنا فى سيناء لضرب اليهود وإلا فسنواجهك، وهذا منطق الجماعات الثورية ذات الطابع الفوضوى، عملية رفح كما كانت مناسبة للرئيس لتغيير قيادات الجيش فإنها مناسبة لمصر لإعادة النظر فى معاهدة السلام وتواجد جيش مصر تواجدا حقيقيا لحراسة حدود بلاده وفرض سيطرته على كل قبضة رمل فى سيناء.
السلفية الجهادية تحتاج بعد العملية نسر وكسر شوكة منازعتها لسلطة الدولة المصرية، تحتاج لحوار حقيقى فكثير من السلفيين الجهاديين قادوا مراجعات فى مصر وفى المغرب وفى ليبيا وفى السعودية وفى اليمن، ومن هنا فإن دور الأزهر ووزير الأوقاف الجديد ودور الجماعات الإسلامية ذات الخبرة فى هذا السياق بالتعاون مع قبائل سيناء وأهلها مهم لاستيعاب هذه الجماعات وكسر سلاحها إذا كان سيقود لمواجهة مع جيشنا الوطنى فى سيناء وفى مصر، الفتنة لها منطق أعوج، وهى نائمة لعن الله من أيقظها، فكونوا كخيرى ابنى آدم «لئن بسطت يدك إلى لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إنى أخاف الله رب العالمين».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة