نظرا لأن التجربة الديمقراطية الأمريكية تأتى فى مقدمة التجارب الديمقراطية فى العصر الحديث، حيث بدأت مع قيام الثورة الأمريكية عام 1776 والتى وضعت نهاية للاستعمار البريطانى، لذلك فكلما تحدثنا عن الحرية والديمقراطية والدستور نجد أنفسنا نضرب المثل بالتجربة الأمريكية بالرغم من أن هناك من الأمريكيين أنفسهم من يرى أن الدستور الأمريكى لم يضمن نظاما ديمقراطيا كاملا تماما، فإن أمريكا تطبق نظاما انتخابيا غير ديمقراطى يتجاهل إرادة الأغلبية، ويشوه الحملات الرئاسية، ويتيح الفرصة لما يسمى بـ"المجمع الانتخابى" وجماعات الضغط للتحكم فى نتيجة الانتخابات، وإعلان فوز أحد المرشحين بمنصب الرئاسة رغم خسارته للتصويت الشعبى، كما حدث فى انتخابات عام 2000، والتى فاز فيها الرئيس الجمهورى السابق سيئ الذكر "جورج بوش" الابن رغم خسارته التصويت الشعبى أمام منافسه الديمقراطى "آل جور"، بأكثر من 500 ألف صوت، فيما جعل فصل السلطات فى الدستور الأمريكى من الصعوبة للرئيس أن ينفرد بالسياسة الخارجية، حيث إنها ستحتاج إلى تمويل وباب للصرف، وهى الصلاحية التى بيد الكونجرس، مما جعل الجهتين متشاركتين فى القرارات، وخشية الأمريكيين من تفرد الرئيس، من خلال منحه صلاحيات لتشكيل الوزارة، أدت إلى تحريم أن يكون هناك وزير من بين أعضاء الكونجرس، وقد يكون حزب الرئيس صاحب الأغلبية فى الكونجرس وقد لا يكون، وهذه ضمانة أخرى لعدم تفرد الرئيس فى قراراته، وفى السنوات الأخيرة، تزايدت سلطات الكونجرس، وتراجع دور الرئيس نتيجة لحصول أعضاء الكونجرس على الكثير من المعلومات الاستخباراتية بسبب التعاون مع مراكز الدراسات وجماعات الضغط، كما أن كثرة اللجان وزيادة دورها، جعل من مسألة رسم السياسات لا تقتصر على الرئيس ووزير خارجيته، وفشل حزب الرئيس فى كثير من الأحيان على الحفاظ على الأغلبية داخل الكونجرس، يجعل الكونجرس ندا قويا بل أقوى فى بعض الأحيان من الرئيس، والرئيس الأمريكى هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومع ذلك فإن صلاحية إعلان الحرب تبقى بيد الكونجرس، وتنظيم وتمويل عمل القوات المسلحة يبقى أيضا بيد الكونجرس، ولسلطة الرئيس أيضا حدود خلال فترات الحرب كما حدث فى قرار "المحكمة العليا الأمريكية" فى العام 1952 والذى أبطل قرار الرئيس "ترومان" بضرورة استمرار العمل بمصانع الصلب لأهداف الأمن القومى، والذى كان يعارضه الكونجرس وهناك أيضا قرار "المحكمة الأمريكية العليا" فى العام 2006 المتعلق باللجنة العسكرية الخاصة التى أنشأتها إدارة "بوش" بخصوص محاكمة معتقلى "جوانتانامو"، وقد تم إنشاء "المحكمة الأمريكية العليا" لتكون فوق كل السلطات الثلاث لمنع تغول سلطة من السلطات على سلطة أخرى، كما حدث من تغول السلطة القضائية على السلطة التنفيذية فى أمريكا، والذى أنشأت المحكمة العليا للقضاء عليه، فلماذا لا تتجه اللجنة التأسيسية المصرية للدستور لمناقشة النص فى الدستور المصرى على إنشاء "المحكمة المصرية العليا"؟ بحيث تكون بمثابة الحكم بين السلطات الثلاث بما فيها السلطة القضائية، محكمة يحاكم أمامها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء بما فيهم بالطبع وزيرا العدل والدفاع، والقضاة بما فيهم قضاة المحكمة الدستورية والنقض والإدارية العليا وجميع القضاة، ورئيس وأعضاء مجلسى الشعب والشورى، ولأن القضاء المستقل يعتبر عنصراً أساسياً فى ضمان العدالة النزيهة والمتساوية لجميع المواطنين فلابد أن يعزز الدستور المصرى استقلالية "المحكمة المصرية العليا" كأن يعين قضاتها لمدى الحياة بحيث لا يمكن إقالتهم من مناصبهم إلا عبر توجيه التهم إليهم وإدانتهم بسبب الخيانة، أو الرشوة، أو أية جرائم كبرى أو ارتكاب جنحة قانونية مثلهم مثل بقية خلق الله من المواطنين وأمام المحكمة المصرية العليا نفسها، أو بالاستقالة أو خروجهم من وظيفتهم، وفى هذه الحال يجب أن ينص الدستور على أن مخصصات قضاتها لا يجوز خفضها ماداموا فى مناصبهم، بما يعنى أنه لا الرئيس ولا مجلس الشعب بإمكانهم خفض رواتبهم، ويكون تعيين قضاة المحكمة المصرية العليا بمقتضى مناصبهم فيتم تشكيل قضاتها من رئيس ونائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، رئيس ونائب رئيس محكمة النقض، رئيس ونائب رئيس المحكمة الإدارية العليا، نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رئيس ونائب رئيس نقابة المحامين، رئيس ونائب رئيس نقابة الصحفيين، على أن يقوم أعضاء المحكمة أنفسهم ومن بينهم بانتخاب الرئيس والوكيلين كل خمس سنوات، وتكون أحكام "المحكمة المصرية العليا" باتة وغير قابلة للنقض ومن حق من أحال القضية لها الطعن أمامها على الحكم وتكون سلطة الإحالة لها لكل من رئيس الجمهورية الذى هو رئيس السلطة التنفيذية، والمحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض، ومجلسى الشعب والشورى، ويكون تنفيذ الأحكام مسؤولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأى زائر للمحكمة الأمريكية العليا "Supreme Court of the United States" فى مقرها بأول شارع "أولا" شمال شرق "واشنطن" العاصمة سوف يرى على الحائط صورة تخيلية رمزية غير ثلاثية الأبعاد لرجل يرمز للإسلام وهو يحمل القرآن بيد وسيفا بيده الأخرى، وقال البعض إنها ترمز للنبى محمد "صلى الله عليه وسلم" ضمن صور لمفكرين وفلاسفة عظام أثروا فى الفكر الإنسانى والحضارة العالمية وقبل أن تنتفض ميليشيا الإخوان المسلمين المنتشرة على المواقع الإلكترونية كالجراد المخرب تستنكر ذلك أعلمهم بأن بعض المسلمين فى أمريكا قد طلبوا رفع هذه الصورة لكن المحكمة ردت عليهم سنة 2008 بالرفض بأن هذه الصور ترمز لكل "الذين بنت أمريكا حضارتها من فلسفتهم وفكرهم ومنهجهم" وبالتأكيد فإن ميليشيات الإخوان المسلمين التى انتشرت كالوباء فى الواقع وعلى كل المواقع الإلكترونية للصحف تهاجم كل المختلفين مع الإخوان المسلمين فى الرأى بفظاظة وسوقية وضحالة فى الرأى وبأخطاء إملائية تنم عن جهل، ولنا عودة للحديث عن هذا الوباء.