أكرم القصاص

مجاذيب عبدالقادر.. غريب يقود غرباء

الإثنين، 20 أغسطس 2012 08:22 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الخواجة عبدالقادر مثل أغلب -إن لم يكن كل -أصحاب الأضرحة فى أنحاء مصر غرباء، من خارج مصر، من بلاد بعيدة، جاءوا لا يملكون شيئا ولا يحرصون على تملك شىء. ومع هذا عاشوا واستمر وجودهم قرونا بالرغم من غيابهم.. لم يكن فيهم مواطن من نفس المكان. هؤلاء الغرباء المعدمون الزاهدون فى التملك، بعضهم كان ثريا ترك ثروته وانجذب إلى الذكر وإلى طريق الله والحب الإلهى، وكلهم لم يكونوا من ذوى النشأة الدينية، بل بشر عاديون، تحولوا إلى طريق الله، واكتشفوا حكمة العالم من خلال رحلات طويلة، مع الدنيا.

هربرت جاء لمصر هاربا من عدمية الحياة وطمع الزوجة، جاء يائسا حتى انجذب إلى الشيخ عبدالقادر، واكتشف معنى جديدا لحياته، ولم يتردد فى التنازل عن ميراثه وأمواله لزوجته ليبعدها عنه، ويتفرغ لحبه، ويقع فى الحب ويصر على الزواج من زينب شقيقة عبدالظاهر كبير القرية وحاكمها، والذى قدم دوره باقتدار الفنان أحمد فؤاد سليم.

عبد الظاهر ممثل السلطة والطمع والدنيا، لا يمانع من استخدام أعلى درجات الشر والقتل والحرق من أجل أن يحافظ على سلطته، كثيرا ما يعجز أمام عبدالقادر وشفافيته، وبعد أن يدفن زوجة أخيه زايد، ويحرق شقيقته وزوجها عبدالقادر، ويعانى حتى يموت من الخوف. عبدالقادر لم يكن يمتلك شيئا أو يحرص على امتلاك شىء، بينما عبدالظاهر يريد امتلاك كل شىء، ينتصر عبدالظاهر فى سباق الدنيا، ويهزمه عبدالقادر فى معركة البقاء.

اختيار عبدالرحيم كمال لخواجة ليكون ممثلا للحب الصوفى وأنه تعلم من عبدالقادر بالسودان، لم يأت عشوائيا، فالسوادن يحتضن الكثير من المتصوفة ممن يرتبطون أو ينجذبون لأصحاب الأضرحة فى مصر، والانجذاب لايتعلق بمكان أو زمان، والغرباء الذين تقام لهم الأضرحة، لا يعرف لأى منهم أصل أو منشأ، السيد البدوى أو إبراهيم الدسوقى أو القنائى أو غيرهم تروى الحكايات أنهم من المغرب أو المشرق قدموا من بلاد بعيدة، هؤلاء غرباء لا يعرف لهم أحد أصلا أو موطنا، ينجذب إليهم الغرباء المظاليم هنا بحثا عن عدل لا يجدونه فى قريتهم أو وطنهم.

حرص عبدالرحيم كمال على أن يبقى الخواجة عبدالقادر أسطورة، بعد نجاته من الحريق وزينب وعدم ظهور جثتهما، ويظهر فى السودان وفى السيدة زينب، يرسل المال لابنه الروحى كمال الذى كان يحفظه القرآن، كمال ينفذ وصيته ويقيم ضريحه فى المكان الذى كان يحفظه فيه القرآن، ويسعى يوسف ابن عبدالظاهر لهدم الضريح من أجل الآثار، ويسعى السلفيون لهدمه لكونه بدعة، مثلما يسعون مع أضرحة كثيرة، ومع هذا يحسم عبدالقادر الخوف من هدم الضريح ويخبر كمال أن الحب فى القلب والضريح حتى لو هدم ستبقى الفكرة، التى ينقسم الناس حولها، ويظل عبدالقادر زعيما للغرباء والمجاذيب.


خواجة عبدالقادر المصرى الإنسان








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة