كنت أتصور أن مشروع «وطن نظيف» الذى بشرنا به الإخوان سيؤتى ثماره ويصبح حقيقة لا خيالاً أو وهماً واحتمالاً، ففى الأيام الأولى لإطلاق مشروع الإخوان والرئيس شاهدنا همة ونشاط وصوراً تنشر على الفيس بوك وصفحات الصحف، ثم سرعان ما خبت الهمة وخارت العزيمة الإخوانية وذهبت إلى غير راجعة وعشنا الواقع المرير المقزز وهو أننا وطن قذر.. أقولها وكلى آسف أن أصم وطنى الذى شغلت بالخلد عنه بهذا الوصف، لقد تركت القاهرة والقمامة فى كل شبر من المهندسين للهرم وفيصل وما أدراك ما شارع فيصل الذى يستحق الحصول على لقب أبشع شارع فى الكرة الأرضية، تركت هذه الأماكن وقلت أذهب إلى البحر ألقى بهمومى وضغط أعصاب الأحداث وأقضى إجازة لم تتحقق لى منذ ثورة يناير، ودخلت العجمى ليلة العيد بعد أن قطعت المسافة من القاهرة للكيلو 21 فيما يقرب من ساعتين وللعجب العجاب ضللت فى مدخل العجمى ما يقرب من 4 ساعات عشت خلالها مغامرة من الفوضى والبلطجة «والقرف» يعجز قاموس اللغة أن يعبر عما شاهدته وعيشته فى هذه الساعات. أولاً تشعر أن الدولة غائبة تماماً عن هذه المنطقة فالشوارع غارقة فى مستنقعات الصرف الصحى وبالتالى أنت تحتاج إلى سيارات الكاسحات لا إطارات كاوتش، ثم تكتمل منظومة القذارة بأكوام القمامة فى كل مكان يميناً ويساراً وعلى الرصيف، ثانياً بعد أن تتحرك قليلاً وتصل إلى مثلث برمودا المسمى الهانوفيل يفاجئك سوق ضخم الباعة فيه لم يتركوا فيه شبراً فى الشارع إلا واحتلوه وبالكاد تتحرك سيارة واحدة بجوار أكوام الزبالة وفوقها ويحيط بك أقفاص الفاكهة والخبز وماكينات الملابس على الرصيف وفى نهر الشارع بجوار أقفاص الخضار و«تشت» السقط وصناديق الرنجة، كل هذا فوق تلال من الزبالة والمخلفات ذات الرائحة البشعة مع المجارى وحفر الصرف الصحى والبالوعات المفتوحة ليكتمل أمام عينيك أقذر وأبشع مشهد يمكن أن تعيشه وتلمسه، كله كوم وسيرك سيارات المشروع والتكاتك كوم آخر، أما ما يسير استفزازك يا مؤمن هو أن يفط الدعوى السلفية والإخوان انتشرت فى كل مكان لتدعوا الناس لصلاة العيد ومعها ميكروفونات تتداخل وتتردد لتصبح الدعوة صوتاً وصورة، وعندما التفت بجوارى على ميكروفون فوق توك توك يدعو الناس للصلاة وبجواره آخرون يفرشون الحصر والسجاد بجوار مخلفات الزبالة، وقد وضعوا قطعتين من القماش ليحددوا بها مكان الصلاة، سألت صاحب التوك توك: هى صلاة العيد هتبقى جنب الزبالة.. قال بثقة: فيها إيه يا باشا ده الجماعة السلفية هيوزعوا رز وسكر. تمنيت لحظتها أن تكون السيارة بجناحات لأحلق بها بعيداً عن هذا الحصار وهذه الشيزوفرانيا التى جعلت الذين يدعون الناس للصلاة لم يفكروا لحظة ولم يشعروا بكم هذه القاذورات وهذه الفوضى، لا هم ولا أصحاب مشروع وطن نظيف.. وعندما طلعت على الشمس وأنا فى الشارع هربت بجلدى عائداً بعد أن شاهدت معركة بالشوم بعد الصلاة مباشراً وصدم سائق ميكروباص طائش سيارتى حتى خلع الإكصدام وطار فى الهواء واستعوضت ربى فى الإجازة، السؤال: هل مر محافظ الإسكندرية أو مدير أمنها بمنطقة العجمى من الكيلو 21 وحتى البيطاش مروراً بمثلث برمودا المعروف بالهانوفيل؟ ثم كيف يمكن أن نفكر ونتكلم عن مستقبل هذه الأمة ونحن لا نستطيع التخلص من قمامتنا أو نعيش فى بيئة نظيفة. وحسبى الله ونعم الوكيل فيكم جميعاً!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة