مسلسل عمر بن الخطاب «1»

عمر بن الخطاب.. ثانى الخلفاء الراشدين، الفاروق، العادل، الزاهد، المجتهد، أمير المؤمنين، الذى شاهدنا سيرته العطرة والرائعة فى مسلسل تليفزيونى حمل اسمه «عمر».

الذين أفتوا منذ زمن بعدم جواز تجسيد الخلفاء الراشدين وصحابة رسول الله، أظنهم لو عاد بهم الزمن، وعلموا أن فتواهم أضاعت فرصا ثمينة لتقديم تاريخنا الإسلامى فى محطاته المشرقة، وتقديم ديننا السمح فى صورته البهية التى تأسست على قيم العدل والمساواة والحق والخير والجمال، أقول لو عاد الزمن بهؤلاء وعلموا أضرار فتواهم، لعدلوا عنها لصالح الإسلام الذى لم يدعُ يوما إلى التشدد والتطرف، ولصالح المسلمين الذى عاشوا قرونا ضحايا التخلف، وضحايا حكام مستبدين يستخدمون سلاح الدين من أجل الحفاظ على عروشهم.

قد نعرف الكثير من سيرة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، إما بالقراءة، وإما بالاستماع إليها من وسائل الإعلام أو فى المساجد، وهى سيرة محببة لكل مسلم فى كل زمان ومكان، لكن أن تشاهد هذه السيرة على شاشات التليفزيون، وتجد تجسيدا لشخصية عمر نفسه، فهذه نقلة كبيرة تقودنا إلى البحث عن السبل التى تؤهلنا للتقدم والعبور إلى المستقبل.

تقدم عمر بن الخطاب رضى الله عنه بأمته، لأنه ترجم المعنى الحقيقى لوظيفة الحاكم، وهى أنه خادم عند رعيته، إذا جاع طفل فهو المسؤول عن إطعامه، وإذا مرض شخص فهو المسؤول عن مداواته والشفاء بيد الله سبحانه، وإذا تعرض أحد للظلم يرد إليه حقه. كان عمر يفعل ذلك تنفيذا لتعاليم الإسلام السمحة، ويخوضه بما جاء فى القرآن الكريم وسنة رسول الله، وإن لم يجد فيحتكم إلى العقل الذى زين به الله عباده دون باقى مخلوقاته.

فى تتبع دراما المسلسل، بدت عظمة النص فى أنه يجسد لنا ما نعرفه من حكايات عن عمر بن الخطاب، لكننا فى نفس الوقت يبدو كما لو أننا نشاهدها لأول مرة، فها هو عمر بكل مهابته الشخصية والسياسية والدينية، يتم تجسيده أمامنا، ونسمع صوته ونشاهد جسده، ونقترب مما قيل عن تشدده وزهده وغلظته ورقته.

قدم المسلسل كل هذا بتفوق كبير من الممثلين وقدرات إخراجية عالية ومهارات كبيرة فى النص الدرامى الذى تحدث عن قضايا عديدة.
.. يتبع