هو «صديقى» المثقف المترجم الذى يجيد اللغة الفارسية كونه حاصلا على ليسانس آداب قسم لغات شرقية، ويجيد اللغة الإنجليزية التى علمها لنفسه بمجهود شخصى بواسطة قراءة الأعمال الأدبية العالمية، هو صديقى ذو الأخلاق الرفيعة، والذى كانت آخر مرة رأيته فيها فى سجن «طرة» سنة 80 حيث كنا محبوسين احتياطيا ضمن مجموعة تم اتهامها بالانتماء لتنظيم سرى، ولأن «صديقى» كان يسهر طوال الليل فى القراءة فقد كان من عادته أن يسلم نفسه للنوم حتى وهو واقف فى الأتوبيس المزدحم أو على مقعد من مقاعد «المترو» حتى كان من الصعب على أصدقائه الجلوس معه دون أن يغلبه النعاس.. فى ليلة إعلان خبر وفاة «جمال عبدالناصر» اندفعت جموع الشعب فى كل شوارع وميادين القاهرة وهى تردد «لا إله إلا الله.. عبدالناصر حبيب الله»، كنت أجلس مع مجموعة من المثقفين و«الناشطين» الشباب فى كافتيريا «أسترا» فى منتصف ميدان التحرير وكان الفنان «عبدالرحمن عرنوس» المعيد، أيامها، فى معهد الفنون المسرحية، ومؤسس فرقة كورال شباب البحر البورسعيدية، كان يحاول إكمال تأليف أغنيته «الوداع يا جمال يا حبيب الملايين» التى انتشرت بطريقة سحرية حتى صرنا نسمع أن جميع الشعب يرددها فى جميع أنحاء الوطن، لكن فى هذه الليلة من أواخر شهر سبتمبر سنة 1970 لم يكتب «عرنوس» سوى جملتين هما «الوداع يا جمال يا حبيب الملايين.. ثورتك ثورة كفاح عشتها طوال السنين»، وما زاد عنها بعد ذلك قاله آخرون، فى نفس الليلة كان «صديقى» نائما حيث استيقظ فى الصباح ليلحق بالاجتماع التنظيمى مع جماعته، وعندما خطا أولى خطواته خارج باب البيت فقد رأى جموع المواطنين فى تدافع باتجاه ميدان التحرير وهم يرددون «لا إله إلا الله.. عبدالناصر حبيب الله» فلم يسأل عن السبب حتى لا يكتشف أحد أمره وعندما وصل إلى مكان الاجتماع بـ«الرفاق» حتى اندفع فى هلع وجزع شديد وهو يصرخ فيهم: «الإخوان المسلمين استولوا على البلد يا بنى آدم أنت وهو وأنتوا قاعدين هنا زى الولايا»، فقال له الشاعر الكبير الراحل «محمد صالح»: «جمال عبدالناصر مات.. ما فيش إخوان وما فيش حد استولى على حاجة.. روح كمل نوم يا «....». الهلع هو الهلع المزمن من الإخوان المسلمين، ولكن هذه المرة المسألة أصبحت جدية فقد وصل الإخوان المسلمون إلى حكم مصر بعد أن خلع الشعب المصرى المخلوع الفاسد، وهاهم فى طريقهم لـ«خلع» الشعب المصرى عن ثورته، هاهم فى طريقهم للاستيلاء على ثورة الشعب المصرى بعد أن تنكروا للثوار وأدانوهم بفظاظة فى «ماسبيرو» و«محمد محمود» و«العباسية»، سوف يتحدث كهنتهم كثيرا عن «حرية الرأى» و«حرية الإعلام» ويطلقون ميليشياتهم السرية التى ربوها فى أقبية الفكر المتحجر المتشوق لسلطة دفعوا ثمنها دما فى صراعهم عليها مع العسكر والطغاة، سواء فى أوقات صراعاتهم الدموية أو اتفاقاتهم المخزية معهم، سوف يتحدث كثيرا كهنتهم عن «الدولة الديمقراطية» و«الدولة الوطنية» ليسحبوا مصطلح «الدولة المدنية» من التداول، دون أن يقولوا لنا معنى «الديمقراطية» التى يقصدونها لأنهم لا يعرفون «الديمقراطية» التى يعرفها خلق الله بالرغم من أنها هى التى أتت بهم إلى الحكم، ولأنهم لا يطبقونها حتى بينهم وبين بعضهم سواء أكانوا شبابا أو كوادر وقيادات، نعم، سوف يتحدث كهنتهم كثيرا عن «حرية الرأى» و«حرية الإعلام» ويطلقون ميليشياتهم المدربة على أرض الواقع فى ميدان التحرير وميادين التظاهر ليعتدوا على المناضلين الشرفاء أمثال «أبوالعز الحريرى» لمجرد الخلاف معهم، أو يطاردوا الإعلاميين ليعتدوا عليهم بتكسير سياراتهم كما فعلوا مع «خالد صلاح»، ويطلقون ميليشياتهم فى الواقع الافتراضى، ليلقوا بسخائمهم على كل المختلفين معهم فى الرأى فى المواقع الإلكترونية للصحف، سوف تظل الميليشيا هى سلاحهم السرى للاستمرار فى السلطة، بالرغم من أن «النظام الخاص» بجماعة الإخوان المسلمين أو التنظيم الخاص أو التنظيم السرى لجماعة الإخوان المسلمين هو نظام عسكرى أسسته الجماعة فى عام 1940، وهدفه، كما قال محمد مهدى عاكف، «إعداد نخبة منتقاة من الإخوان المسلمين للقيام بمهمات خاصة والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجى ومحو الأمية العسكرية للشعب المصرى»، كما جاء فى حوار محمد «مهدى عاكف» المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين لعزام التميمى فى برنامج مراجعات والمنشور على موقع إسلام أونلاين، وقد تم اكتشاف التنظيم السرى الميليشياوى عبر قضية السيارة الجيب عام 1948 حيث عثر البوليس السياسى على سيارة جيب بها جميع أسرار النظام الخاص لجماعة الإخوان المسلمين، ومن بينها أوراق التكوين والأهداف، وقدمتها حكومة النقراشى لمحكمة الجنايات.
وكان الآباء المؤسسون هم «صالح عشماوى» و«حسين كمال الدين» و«حامد شريت» و«عبدالعزيز أحمد» و«محمود عبدالحليم»، وعهد «حسن البنا» بقيادة النظام الخاص إلى صالح عشماوى، وقد تَشكّل «النظام الخاص» الميليشياوى وفقًا لمجاميع عنقودية متسلسلة، بحيث تتكون المجموعة القيادية من خمسة أفراد يتولى كل منهم تكوين مجموعة من خمسة آخرين، ويظل الأمر مسلسلاً إلى ما لا نهاية، ومن هذا التسلسل يكون الأفراد الذين يقومون بالتواصل مع بعضهم ويعرفون بعضهم البعض لا يزيدون على ثمانية أفراد، فيما كانت المبادئ التى تحكم عمل وعقيدة الجهاز السرى الميليشياوى الإخوانى تتلخص فى أنه «يجوز اغتيال المشرك الذى بلغته الدعوة وأصر على العداء والتحريض على حرب المسلمين، يجوز اغتيال من أعان على قتال المسلمين سواء بيده أو بماله أو بلسانه»، يجوز التجسس على أهل الحرب، يجوز إيهام القول «أى الكذب» للمصلحة، يجوز أن يتعرض القليل من المسلمين للكثير من المشركين، يجوز الحكم بالدليل والعلامة للاستدلال، وعلى كل الذين يتاجرون فى الإعلام المصرى بـمسألة «الهلع من الإخوان المسلمين» ويحاولون ارتداء أقنعة الوطنية الزائفة و«ماسكات» الهلع من الإخوان ليخفوا تحالفهم الشيطانى مع المخلوع الفاسد وبطانته لن تخدعوا الشعب المصرى أنتم أيضا، فاليوم ليس عدو عدوى هو صديقى، أنتم فساد باسم المخلوع وهم فساد باسم الدين، وسوف يقاومكم الشعب المصرى جميعا ولن يترك الإخوان المسلمين يستولون على البلد وبيننا وبينكم الدستور الذى هو المعركة الحقيقية لتختفى من حياتنا للأبد كل جرذان الساقط المخلوع، وكل الجراد الميليشياوى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة