عادل السنهورى

رحم الله وسط البلد وأيامه ولياليه

الأربعاء، 22 أغسطس 2012 10:09 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحظ العثر قادنى للنزول إلى شوارع وسط البلد فى القاهرة التى كان التجول فيها واستنشاق عبق التاريخ الساكن فى مبانيها التاريخية وطرازها المعمارى الفريد طقسا إجباريا يمارسه أبناء جيلى أسبوعيا حتى وقت قريب بداية من شارع عبدالخالق ثروت وعدلى وطلعت حرب و26 يوليو وشارع محمد فريد انتهاء بميدان التحرير.

القاهرة الخديوية التى كانت تسمى «باريس الشرق» فى عهد الخديوى إسماعيل «1863-1879م» وحتى منتصف السبعينيات تحولت شوارعها الآن إلى متحف مفتوح للباعة الجائلين الذين احتلوا أرصفتها وشوارعها وفرضوا سيطرتهم عليها تماما فى غياب الدولة والقانون، ووكر لهواة الليل من البلطجية وأولاد الشوارع وجيوش التحرش فى مشهد يحزن له ويبكى عليه كل من عاش أيام وليالى وسط البلد بمقاهيه ومحلاته وعماراته المميزة.

التخطيط العمرانى للقاهرة الحديثة، خصوصا منطقة «وسط البلد»، مدين للخديوى إسماعيل أكثر حكام مصر إثارة للجدل وأكثرهم إثارة للخلاف، الذى جلب من فرنسا أشهر مهندسيها وأبرز مهندسى العالم فى ذلك الوقت، «لانفا» ليحول حلم إسماعيل فى أن تكون «العمارة» فى وسط القاهرة، نموذجا للعمارة فى المدن الأوروبية الكبرى، خصوصا باريس. فصمم ميدان «الإسماعيلية» - ميدان التحرير الآن - ليكون وسط الميدان، حيث كانت الكعكة الحجرية، أشبه بقرص الشمس، الذى تتفرع منه شوارع وسط البلد، فى خطوط متفرقة، على شكل أشعة الشمس، فى معنى رمزى جمالى ومعمارى وتخطيطى رائع، يعكس حلم الرجل، الذى أصدر مرسوما يحدد الحد الأدنى لتكاليف البناء فى وسط البلد، حتى يحدد نوع العمارة التى يريدها للمنطقة، وحتى يضمن ألا يبنى فى المنطقة ويتملك بيوتها، إلا القادرون على أن يتباروا ويتنافسوا فى إنشاء أجمل وأفضل الطرز والتصاميم المعمارية.

وهكذا كانت القاهرة الحديثة نموذجا لواحد من أفضل وأرقى الأحياء السكنية فى العالم، قبل أن تتعرض لفوضى ما سمى بالانفتاح الاقتصادى، مع بداية السبعينيات.

القاهرة الخديوية تنهار الآن وتكاد أن تختفى تماما تحت أقدام الإهمال والعشوائية تحت سمع وبصر الحكومة الجديدة التى لا يبعد مقرها من شوارع وسط البلد سوى أمتار قليلة، ولا تصل استغاثتها إلى الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء وتنتظر زيارة عاجلة منه وقرارات حاسمة لإنقاذها من براثن الفوضى والعشوائية والإهمال.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة