عندما تدافع عن حرية الرأى والتعبير لا تحتاج للكثير من الاعتذارات والتبريرات، وأن تقول إنك تختلف مع فلان أو تدافع عنه ولا ترضى عما يفعله، الحرية لمن يختلفون معنا، وليست لنا وحدنا ولا لمن نؤيدهم، سواء كنا فى السلطة أو خارجها.
نقول هذا بمناسبة الجدل الذى أغرقنا فيه البعض، بعد الحكم باستمرار حبس إسلام عفيفى، رئيس تحرير «الدستور» وتأجيل القضية لجلسة أخرى. وهو قرار لم يسبق لمحكمة أن اتخذته، حيث لاخوف من تلاعب فى أدلة أو هروب للمتهم.مع الأخذ فى الاعتبار أن رئيس تحرير «الدستور» الذى يحاكم بتهمة إهانة الرئيس محمد مرسى من خلال نشر أخبار كاذبة، وهى تهم تختلف حولها التعريفات، لكونها اتهامات مطاطة، وغير محددة المعالم، فضلاً عن أنها تدخل فى سياق الحجر على حرية الرأى، طالما تعلقت بشخصيات عامة أو سياسية، خاصة أنه فى نفس الوقت الذى يتم فيه حبس رئيس تحرير «الدستور»، يتم التحقيق فى بلاغات ضد الكاتب الكبير عبد الحليم قنديل، وأحد أهم دعاة الثورة على استبداد مبارك، كما يتم التحقيق مع الكاتب الكبير عادل حمودة، رئيس تحرير «الفجر»، وخالد حنفى مدير التحرير بتهم إهانة الرئيس، مما يجعلنا فى سياق حملة منظمة على حرية الرأى والتعبير، لم يثبت أنها تمت بنفس الكثافة فى وقت واحد من قبل. فضلاً على كونها اتهامات مطاطة، تكشف عن حساسية زائدة تجاه النقد من قبل الحزب الحاكم.
احترام أحكام القضاء واجب فى كل الأحوال، لكن الحديث عن تشريعات وقوانين سيئة السمعة هو مربط الفرس، وطوال عقود طويلة كان الخلاف حول مواد مقيدة للحرية، واستمرار عقوبات الحبس فى قضايا النشر بينما العالم كله انصرف عن مثل هذه العقوبات، ويقر بدلاً منها التعويضات والغرامات، وهى عقوبات كافية، والأهم أن القذف والسب هنا مرهون بالأفراد وخصوصيات المواطنين، وليس مع الشخصيات العامة والمسؤولين السياسيين. حيث يباح النقد بشكل أكثر اتساعاً وعمقاً ونرى اتهامات أكثر مما نراه الآن تجاه رؤساء ورؤساء وزراء فى دول العالم، لم يحدث مرة أن لجأ أيهم للقضاء لكونهم يعرفون أن العمل السياسى والعام، له متطلبات.
ونرى كلاماً كثيراً عن مخالفة الصحفيين لمواثيق الشرف الصحفى أو المهنية وغير المهنية، وهو كلام حق يراد به تبرير، ولا أحد ضد مواثيق الشرف وإلزام الجميع بقواعد عامة مجردة، وتفعيل دور النقابات والمنظمات المستقلة فى حماية حرية الرأى وخصوصيات الأفراد من العدوان والتلفيق، لكن كل هذا لا يبرر استمرار القوانين سيئة السمعة. ثم إن الرأى والتعبير لا يرتبطان بالصحافة لكن لكل المواطنين، وقد تم حبس قراء ومواطنين عبروا عن رأيهم.
وإذا كان البعض يظن أنهم يحمون الرئيس بفرض الحصار فهم واهمون، وربما على الرئيس أن يتدخل بسرعة، ويستخدم سلطاته التشريعية لإلغاء المواد المقيدة للحريات. لأنها تشبه المبالغة فى استخدام المضادات الحيوية.. ضررها أكبر من فائدتها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة