قرار الرئيس محمد مرسى بإصدار قرار يلغى الحبس الاحتياطى فى قضايا النشر يستحق التحية خاصة أنه جاء سريعا وصحح وضعا مختلا.
ونظن أن هذه الخطوات سوف تكتمل بإعادة دراسة التشريعات والمواد المقيدة للحرية فى قوانين النشر والصحافة والعقوبات والإجراءات. وهى مطالب للصحفيين والإعلام طوال العقود الأخيرة. وليس من صالح أحد أن يجرى التصادم بين الإعلام أو القضاء أو غيره من السلطات والمؤسسات، مع الرئاسة كمؤسسة دولة يفترض أن تعلو عن صراعات الأحزاب أو طموحات الأفراد والتيارات.
ونظن أن قرارات الرئيس التى يتخذها لصالح الحريات، من شأنها أن تفصله عن الجماعة وحزبها، ودعمه لقوانين تداول المعلومات، من شأنها أن تقلل الشائعات، وتشجع النقابات والجهات الخاصة بالسعى لمواجهة الخروج على القانون ومحاسبة من يخالفون مواثيق الشرف أو ينشرون أخبارا كاذبة بتطبيق مواثيق الشرف وقواعد المحاسبة النقابية بما يقوى الحريات العامة ويضمن التوازن بين الحرية والمسؤولية المهنية والإعلامية.
لقد جاء قرار الرئيس على عكس اتجاهات داخل جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة كانت تسخن الأجواء، وتمارس التحريض المادى والمعنوى ضد الصحافة والإعلام بدعوى أنها تعادى الجماعة والحزب والرئيس. وهؤلاء يحشرون أنفسهم مع الرئيس فى خانة واحدة، بينما الاتجاهات كلها تدفع نحو ضرورة أن يفصل حزب الحرية والعدالة بين ما هو سياسى وبين ما هو رئاسى يتعلق بمجمل مطالب المصريين ومستقبلهم. والأهم هو أن تسارع جماعة الإخوان بتقنين أوضاعها السياسية الغريبة التى تشكل عائقا أمام التطور السياسى، وبعد أن أصبح هناك حزب سياسى ممثل للإخوان لم يعد هناك وضع قانونى للجماعة، وعليها أن تتحول إلى جمعية تخضع لقانون الجمعيات. وتتوقف عن التدخل فى العملية السياسية.
فيما يخص الرئيس مرسى فقد أصبح منذ انتخابه رئيسا لكل المصريين له كافة الصلاحيات التنفيذية، بل التشريعية لحين انتخاب مجلس الشعب. وهى صلاحيات تمثل عبئا ثقيلا وتثير الكثير من التخوفات، لكنها يمكن أن تكون أمرا إيجابيا فيما لو استغلها الرئيس فى إصلاح المؤسسات وتنقية التشريعات المعيبة، وكلها سوف يخضع للمراجعة بعد انتخاب برلمان جديد. وبالرغم من انتماء الرئيس قبل انتخابه لحزب الحرية والعدالة، فإن انتخابه نقله إلى الرئاسة وترتب عليه التزامات تجاه كافة المواطنين، وينتظر منه الشعب أن يسارع باتخاذ الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإنصاف الفئات المهضومة ودعم الحريات وطمأنة الشارع تجاه الرئاسة بوصفها مؤسسة الدولة تعمل لها وليس لصالح جهة أو تيار أو حزب.
ثم إن وجود تدخلات من جهات مختلفة مثل جماعة الإخوان ومكتب إرشادها، أو حزب الحرية والعدالة ومن ينسبون أنفسهم للجماعة ويعتدون على آخرين، وكأن أكثر من جهة تتخذ القرار، وهو أمر يضر بصورة الرئيس، الذى انتزع صلاحياته من المجلس العسكرى وعليه أن يمنع آخرين من استغلالها.
يجب أن تكون الجماعة مثل كل المؤسسات خاضعة للقانون الذى يقوم الرئيس على تنفيذه، وليست دولة داخل الدولة. بما يعنى الدفاع عن الرئيس فى مواجهة كل من يسعى لاغتصاب سلطاته.