> فى المراحل الانتقالية تطفح على السطح وجوه تبدو مقنعة، تظهر فجأة، وتحتل مساحات شاسعة فى الإعلام المرئى والمكتوب، ويتم استقبالها رسميا على أعلى مستوى من أجل دعمها فى الدكاكين التى يطلون منها، وهؤلاء يقولون كلاما يشبه الكلام، لا تذكر منه شيئا ولكنه حلو، والكلام الحلو «ما ينشبعش منه»، هم يشمون اتجاه الريح، ربما بسبب خبراتهم الأمريكية القطرية المفتخرة، فيضبطون الدفة نحو الاتجاه المريح، فى المراحل الانتقالية يتم «تسمين» هذه الوجوه لتسطيح كل شىء بلغة أكاديمية وقوة ورصينة وخالية من الإبداع فى الوقت نفسه، تستدعى جملا كتبها آخرون، محشوة بالمناورات، منحازة لخطاب الذين استولوا على السلطة، جميعهم يتحدثون باسم الثورة «الحضارية التى أبهرت العالم»، والثوار «الذين لم يتوحدوا»، ولا بأس من الحديث عن الدولة المدنية والتعددية والشرعية، ولا يخلو حديثهم من إظهار لغتهم الأخرى، هؤلاء لا تاريخ معروفا لهم، ولا مستقبل عندما يعود الثوار إلى الميادين، لأنهم يتحدثون عن شعب آخر غير الذى يعيش فى الظلام وحكوماته تصدر الكهرباء، وتنقطع عنه المياه أثناء الوضوء، ويحملون الإعلام مسؤولية ما يحدث، وغير مهتمين بالفتن التى يحاول الأغراب إشعالها، هم وضعوا لمواجهة الأبرياء الذين لم يصدقوا أن الثورة يتم تصفيتها «عينى عينك»، بعضهم اعتبر نفسه «قعر مجلس» وراح ينصح القوى الوطنية نصائح ناظر المدرسة العطوف على التلاميذ «الشعب»، ويتحدثون إلى الناس باعتبارهم لا يعرفون مصلحتهم، فى المرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر نجحت قناة الجزيرة من جهة، وبعض قنوات وصحف الفلول من جهة أخرى، فى تخريج مجموعة مختارة من النظار، أشدهم وأقواهم على وجه الإطلاق الدكتور سيف الله عبدالفتاح الذى بدأ يطل على الناس من قطر أثناء الثورة، أما الذين يريدون الحصول على الدرجات النهائية فى المسابقات الفضائية، ويحاولون إقناعك بأنهم لا يكفون عن المذاكرة، فهم أكثر مما ينبغى، ولكن أشطرهم ومن الممكن أن يدخل «طب» المعتز بالله عبدالفتاح.
> وبما أننا فى مرحلة انتقالية، ويسعى الرئيس إلى الانتقال من المرحلة الثورية إلى المرحلة الدستورية، فالمطلوب القضاء على المحكمة الدستورية، وتحويل المؤسسات الصحفية القومية إلى منصات للانتقاليين، والقبض على الجهاز المركزى للمحاسبات، وتحديد إقامة الأزهر الشريف، والضغط على القنوات الخاصة بحجة الشائعات، وإعادة كتابة تاريخ مصر فى مناهج التعليم، وتوزيع الأكسجين والأمل فى منافذ الحرية والعدالة والتوحيد والنور، لأن الوزارة الجديدة تكنوقراط، ولأن رئيسها رجل بشوش ويفهم جيدا فى الرى، ولا علاقة للرى بانقطاع الماء فى المنازل، والواحد يستغرب كل هذا الحقد على وزارة لم تبدأ عملها بعد، وزارة مليئة بالكفاءات وأمامها مهام صعبة، أهمها كما قال رئيس الوزراء الشاب كما قال سابقوه «الجنزورى وشرف وشفيق» الأمن والاقتصاد، وزارة لم تقل لنا ماذا ستفعل للفلاحين والعمال والطلبة والمرضى، هى ليست اشتراكية بالطبع لكى نطالبها بتحقيق المصانع ومجانية التعليم والصحة، وزارة صدمت حتى حلفاء الرئيس الجدد «اللى طالعين فى المقطم جديد»، وزارة إخوانية فلولية جنزورية تكنوقراطية مشتركة، ويحسب لوزير الإعلام الجديد أنه طور مشروع علاج الصحفيين، وأنا واثق أنه سيقوم بتطوير المشروع العلاجى للإعلام المصرى، لأن وزير الصحة «مش مضمون».
> «المصريون عندهم صبر ويستطيعون تحمل انقطاع الكهرباء والمياه» هكذا نشرت «اليوم السابع» عن السيد الرئيس فى الأقصر، وهو فى ذلك عنده ألف حق، لأن الحرارة الشديدة التى لم تنخفض منذ مجيئه، جعلت الشعب يتجرأ ويشغل المراوح، ويوجد آخرون يشاهدون حسن البرنس والبلتاجى وأبو بركة فى التليفزيون، وكما يوجد أناس «ما عندهمش ضمير» يشغلون الثلاجات والمراوح وهم نائمون، المصريون عندهم صبر وباستطاعتهم تحمل الظلام، ولكنهم سينفد صبرهم إذا تحدث إليهم أحد مرة أخرى بهذه الطريقة.
> الوحيد الذى لم أفهم دوره فى المرحلة الانتقالية التى تغرق فيها البلاد.. هو الدكتور وحيد عبدالمجيد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة