منذ أعوام صنع يوسف شاهين فيلم بعنوان مصر منورة بأهلها وربما لو أطال الله فى عمره بعض الوقت وعاش مثلنا هذه الأيام ربما كان صنع فيلماً آخر ولكن بعنوان مصر مش منورة بأهلها ولا حتى بالكهرباء، فرغم حرارة الجو المرتفعة والظلام الذى نحياه أغلب الأيام والذى بالتبعية تنقطع معه المياه فتتحول حياتنا إلى جحيم صغير أقول رغم هذا فإن الأخبار المتواترة عن أهل مصر تحمل ظلاماً أقسى من ظلام الكهرباء.
أهل مصر لو لم يأتوا بأى أخبار إلا ما سأرصده فستكفيهم ظلاماً وحرارة لأعوام مقبلة يعلم الله إلى متى:
- خناقة بين مكوجى مسيحى وصاحب قميص مسلم تتحول إلى معركة يموت فيها أهل مصر ويطالب البعض بتهجير الأسر المسيحية فى شهر التسامح عن بيوتهم ويصمت مشايخ الإسلام الذين يصدعوننا ليل نهار بالحديث عن حسن الخلق، فلم يهب منهم مجموعات تذهب لتردع المعتدى حتى لو بالكلمة وفى المقابل تهتم قنواتهم الدينية بمهاجمة هالة فاخر مجرد ممثلة مواطنة قالت رأياً فى رئيس ينتمى لفصيل دينى سياسى، وما بال هذا الشعب الذى أمسك الظلام بتلابيبه حتى صار قميص محروق يقسم بلداً ويرخص للبعض مهاجمة دار للعبادة وقساوسة ورهبان وأهل كتاب؟!
- احتراق مجموعة عشش عشوائية ملاصقة لأبراج النيل يدفع أصحاب هذه العشش لأن يهجموا على الفندق والأبراج الملاصقة لهم فى حالة بلطجة عامة إنذار ليس مبكرا لما كنا نتوقعه منذ سنين ثورة الجياع والعشوائيات التى تحيط بكل مناطق القاهرة وغيرها من المدن.
- مجموعة من البدو تختطف سائحين ومرشدا مصريا من أجل إطلاق سراح أقارب لهم مدانين جنائياً والمسؤولون يتفاوضون معهم بإطلاق سراح أقاربهم وهناك ملايين من أسر العاملين بالسياحة تكاد أن تمد يدها عوزاً وبعض من السادة المسؤولين يفاوضون الخارجين عن القانون من أجل خارجين آخرين عن القانون أى شعب هذا وأى مسؤولين هؤلاء الذين يجب أن يحاكموا لأنهم أصحاب أيد مرتعشة أو مقطوعة فى الحق.
- حنان ترك مجرد مثال لآلاف بل ملايين من أهل مصر المحروسة الذين أصابهم هوس الإعلام والتناقض فهى ممثلة قررت أن تتحجب فأقامت الدنيا منذ سنين والآن قررت أن تعتزل لأنها ترى أن حجابها فتنة، من حق حنان أو كل حنان أن تتحجب ومن حقها أن تعتزل ومن حقها أن تخاف الفتنة ولكن هل من اللائق والمفيد أن تختار نيشان وأنا والعسل ليكون محطة إعلان اعتزالها، فرق كبير بين ناس مصر المنورة بأهلها كشادية السيدة الفنانة الغائبة الحاضرة وبين ناس مصر المظلمة بأهلها كحنان ترك واعتزال أنا والعسل.
نعم مصر كانت منورة بأهلها ولكنها ما عادت كذلك على الأقل حتى يأذن الناس بذلك لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.