علينا أن نعترف بأن هناك وبدرجات مختلفة، من يحب الأساطير والقصص والحكايات والشائعات، أكثر مما يحب الحقيقة، التى قد تبدو مملة وغير كافية، حتى لو كان هناك دائما من يضخم الأمور، وينفخ فى البلالين، حيث تصنع القصص والأساطير من حكايات وشائعات، تبدأ من عالم السياسة والمال.
نقول هذا بمناسبة قضية صبرى نخنوخ المتهم بالبلطجة والذى تحول لأحد أساطير المافيا، وأصبح الشغل الشاغل لقيادات الإخوان، وموضوعا لبرامج الفضاء والأرض، كما أصبح موضوعا طائفيا بعد إثارة التساؤلات حول ديانته، كأن هناك جريمة مؤمنة وأخرى ليست كذلك.
نخنوخ من الأسماء المعروفة، مثل غيره من كبار أصحاب الخدمات الغامضة، وقد تردد اسمه عندما تم العثور على جلود عدد من الحمير فى العامرية قبل ثلاثة أعوام، واتضح أنها جلود ذبائح تقدم لحومها لأسود يقتنيها نخنوخ فى فيلته أو قصره، الذى يدير منه أعماله.
وأعماله هذه تمتد من عالم السياسة إلى عالم المال، فهو يمتلك شركة خدمات قال عنها البعض أنها واجهة لخدمات كان يقدمها نخنوخ للحزب الوطنى فى الانتخابات، حيث كان أحد موردى رجال الانتخابات للمرشحين والحزب الوطنى. وأن هذا هو ما أسبغ الحماية على نخنوخ، ليمارس تجارة الممنوعات، من مخدرات إلى فتيات إلى سلاح. نخنوخ نفسه قال إنه كان يرتبط بعلاقات مع النظام السابق، ورجاله، مثل كثيرين غيره، وأنه وكالعادة هدد فى تصريحات تليفزيونية بأنه سيفضح كثيرين وأنه يمتلك سيديهات ومستمسكات، عن شخصيات سياسية سابقة وحالية، ومن الواضح أن نخنوخ كان أحد نجوم المجتمع، وقد انتشرت صوره مع نجوم الفن والسياسة، واضطر الفنانون لتبرير ظهورهم معه فى حفلات أو جلسات خاصة، لكن الواضح أنه كان أحد كبار نجوم المجتمع بالفعل، لكنه فى الواقع لم يكن وحده، بل هناك غيره كثيرون، كانوا ومازالوا فى صدارة المشهد، حتى وإن لم يكن تم القبض عليهم، بل إن بعضهم ربما سيظل بعيداً عن أيدى القانون، لأنهم نجحوا فى تعديل أوضاعهم وانضموا للمشهد الجديد، وهو ما يشير إليه نخنوخ فى التحقيقات والأحاديث التى أدلى بها.
لكن أخطر ما فى عمليات النفخ أن البعض حاول تحويل قضية نخنوخ إلى قضية طائفية، عندما أشاروا إلى ديانة نخنوخ، بينما الحقيقة أن الشراكة مع النظام السابق أو التورط فى الجريمة، لاعلاقة له بالعقيدة من بعيد أو قريب، لكن الإشارة إلى دين نخنوخ تلقى هوى بعض من يدافعون عنه ويحولونه إلى روبن هود، كما أنه هو نفسه يقدم نفسه على أنه «رجل فى حاله». وأن القبض عليه واتهامه بأنه الطرف الثالث هو نوع من الانتقام وتصفية الحسابات، لأنه رفض نقل خدماته لآخرين، ضمن عملية مزاد سياسى لا يعرف الأخلاق، فهل ينفذ نخنوخ تهديداته، أم يبقى جزءاً من صندوق أسود تحرص كل الأطراف على إبقائه مغلقا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة