فى جولة قام بها وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود، بمدينة الإنتاج الإعلامى أكد عبدالمقصود للصحفيين المرافقين له، أن حرية الإعلام مكفولة، وأن مصطلح الرقابة سيلغى من قاموس الممارسات الإعلامية، وهو كلام يبدو مطمئنا للكثير من العاملين فى حقل الإعلام، ولكنه فى الوقت نفسه يبدو أيضاً كلاما مرسلا، فالوزير بنفسه يشدد على أهمية حرية الإعلام، وتداول المعلومات، ومن الطبيعى أن يقول الوزير ذلك لأنه جاء من خلفية صحفية، ولكن الظاهر أن الوزير يتعامل بمنطق أن «الكلام ما فيش أسهل منه» حيث حاول أن يبدو ديمقراطيا وحريصا على إرساء عهد جديد فى حرية الإعلام فلم يقتصر كلامه على ذلك فقط بل أبدى الوزير قبوله بظهور مذيعة مسيحية تضع الصليب على صدرها فى نشرات الأخبار على شاشة التليفزيون الرسمى المصرى بل وظهور مذيعة يهودية إن وجدت شرط أن تتمتع بالكفاءة.
المتابع لتصريحات سيادته بالتأكيد ستنفرج أساريره ويبتهج فالقادم فى الإعلام أفضل بكثير مع وزير متفتح ويقبل الآخر إلى هذه الدرجة، ويبدو أن للكاميرات سحرها الخاص، فهى تجعل من يجلس أمامها يسترسل ويقطع وعودا وعهودا على نفسه بهدف جذب أكبر عدد من المشاهدين واكتساب شعبية، وكما أن للكاميرات سحرها، فهى أيضا تكشف الحقيقة، لذلك لم يصمد الوزير الجديد أمام سحر الكاميرا - والذى يحتاج إلى تدريب أيضا لتكون ضيفا أو محاورا مقنعا - حيث خرج علينا الوزير فى لقائه مع الإعلامى عمرو الليثى ببرنامجه 90 دقيقة والذى يبث على قناة المحور بوجه آخر وبكلام يتنافى تماما مع ما ذكره عن حرية الإعلام وحق الآخر فى التواجد وطرح وجهة نظره وقال: «بشكل قاطع وحازم أنه لن يقبل بعرض الجزء الثانى من مسلسل الجماعة ولا سيعيد عرض الجزء الأول والذى صرفت عليه ملايين الجنيهات، والذى كان كل همه تشويه جماعة الإخوان، وبنفس اليقين قرر سيادته أن هذا العمل ليس إبداعًا كما لم أقبل بإذاعة مسلسل يشوه صورة تيار أو حزب أو فصيل معين، وعلى وحيد حامد أن يبحث عن قناة خاصة ليقوم بعرض مسلسله لأنه لن يعرض فى التليفزيون المصرى» وبالطبع كلام سيادته والذى يحمل كارت إرهاب للمبدعين جعل طارق نور صاحب قناة القاهرة والناس يخشى من غضبة الوزير.. لذلك قرر عند إعادة عرض الجزء الأول من مسلسل الجماعة أن يأتى بقطب إخوانى ليعلق على أحداث الحلقة المذاعة حسب الكلام المتداول فى قناته.
ويبدو أن الوزير لم يستطع أن ينسى «خلفيته الإخوانية والتى نقحت عليه»، ووجد أن المنصب الذى تولاه فى ظرف تاريخى منحه الفرصة ليخلص تاره وتار جماعته مع من يختلفون معهم سياسيا، وكنت أتوقع أن يحاول الوزير أن يتجمل قليلا أمام الكاميرا، ويرد بنفس أسلوب حديثه عن حرية الإعلام فيقول مثلا: «أنا أتحفظ على الكثير مما جاء فى الجزء الأول من مسلسل الجماعة ولا أرفض أن يعاد عرضه على التليفزيون، ولكن فى الوقت نفسه أشجع إنتاج عمل إبداعى يرد على المسلسل» ولكن عبدالمقصود لم يستطع أن يخفى كرهه للعمل وصناعه وقرر أن «يهيل» التراب على العمل بسبب اختلافه مع أطروحات العمل ورؤيته لجماعة الإخوان ووصفه بأنه ليس إبداعا هكذا مجهود مئات من البشر يخسف به سيادته الأرض.. بلغة تحمل الكثير من التهديد وكأن تليفزيون مصر صار هو تليفزيون الإخوان.
سيادة الوزير ليس من حقك أن تهدد أو ترهب مبدعا وأنت وزير لإعلام مصر تأخذ راتبك الشهرى ومكافأتك من أموال دافعى الضرائب وسيبقى مسلسل الجماعة عملا إبداعيا شئت أم أبيت، وسيجد وحيد حامد منفذا آخر لعرض إبداعه بعيدا عن التليفزيون المصرى الذى بات يعانى من سكتة دماغية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة