ليس من حقك أن تنتقد لحية الرئيس مرسى أو تسخر من بذلته أو تتهكم على مشيته فهذا فى حكم الإعلام سفسطة، وفى حكم الأخلاق وقاحة، وفى حكم السياسة هبل، وانتشار هذه السفسطة الوقحة طغى على العديد من القضايا المصيرية الهامة بل صارت قلة الأدب نوعا من حرية الإبداع يتسابق الغافلون للدفاع عنها.. رغم أن «داروين» يؤكد أن الاحترام المتبادل وهدوء الحركة من بديهيات الانتقال من حلقة القرود إلى حلقة الإنسان، لذا علنيا أن نفهم قيمة الاحترام الذى نسيناه فى كل شىء.. أما أن نتعامل مع بعضنا على أساس الشكل والهيئة والذقن والشعر فهذا «صلع» فكرى، خاصة لو كان الحوار مع صاحب قرار.
كنت أتصور أن يحتشد الإعلام والرأى العام لمناقشة السيد الرئيس فى موافقته على قرض صندوق النقد الدولى، ولماذا يبدأ فترة رئاسته بالاقتراض وتحميل الدولة المزيد من أعباء الديون من هنا وهناك؟ ولماذا لم يبدأ بحصر واسترداد أموالنا المنهوبة أولا قبل السعى خلف الودائع والقروض المشروطة التى كانت من أهم مصادر الإفساد فى العهد البائد؟!! كان على الرئيس أن يشرح لنا مبرراته وإن يوضح أهدافه من هذا القرض والقروض الأخرى والودائع التى يجب أن نفهم شروطها والأسباب الحتمية التى فرضت علينا الحصول عليها، كان علينا أن نلح فى ذلك، وأن يجيب علينا الرئيس بالتفاصيل، فلا نحن تمسكنا بالسؤال، ولا الرجل اهتم بالتفاصيل، بل تضاربت التصريحات وندرت الحقائق.. وآخر كلام سمعناه أن قرض صندوق الهدد الدولى قد يصل إلى 6.5 مليار جنيه بشرط إلغاء الحكومة لكل أنواع الدعم، يعنى نأخذ القرض «وندفن أحسن»، مطلوب حوار مفتوح مع الرئيس محمد مرسى بذاته ليوضح لنا أجندته الخاصة بالقروض والتى أتمنى أن تكون مهمته تسديدها لا المزايدة عليها كما كان يفعل مبارك.
وحينما بدأ الرئيس رحلاته إلى الخارج انشغل الناس بطريقة جلسته مع فلان وطريقة كلامه مع علان، مع أنها أمور تقديرية لا فائدة فيها.. كان علينا أن نسأل الرئيس عن مصاريف هذه الرحلات وهل مازالت فلكية أم تلائم ظروفنا التحتية.. كان علينا أن نحيه على موقفه من بشار الأسد ونسأله عن موقفه من إيران وتفكيره فى التوجه للصين قبل الأمريكان.. لا لأننا قد نعارض هذا التوجه أو نؤيده ولكن لنفهم كيف يفكر الرئيس، وإلى أين يتجه أو أين نسير خلفه.. فلسنوات طويلة كان النظام البائد يعتقد أن السياسة الخارجية لعبته الشخصية لا يجاريه فيها أو يناقشه أحد.. واحتكر لنفسه كل أوراق اللعب لنكتشف فى النهاية أن موقعنا بين العالم فوق خط الاستواء تحت خط الفقر.. لذا على كل الرؤساء القادمين أن يصارحونا بأفكارهم السياسية لا أن يتركونا ضحايا للنتائج.. وعلينا عدم الالتفات إلى شكل الرئيس وملابسه وحركاته ولنتفرغ لدماغه.. لنعرف كيف يفكر وإلى أين يتجه شراعه وهل سنطفو معه أم «هنبقلل».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة