لا تنكر ذلك.. فى شوارع مصر طبيعى جدا أن تسمع شتائم وسبابا واضحا للدين، تنطلق من ألسنة الناس دون حساب، كل من شعر بحبة زهق، وكل من عانده الحظ، لا يجد أقرب من الدين لسبه، دعك من فكرة أن هذا الشخص فى الغالب لا يجد من يردعه، وفكر قليلا ما الذى قد يحدث لو أن هذا السباب وهذه الشتائم جاءت من على لسان لا يتحدث بالعربية، وقتها ستقوم الدنيا ولن تقعد مرة أخرى.. حدث هذا مع الفتاة الألمانية التى سخرت من القرآن، وحدث هذا مع النائب الهولندى الذى وصف الإسلام بالجهل والتخلف، ولم أره يحدث مع واحد من هؤلاء الذين يسيرون فى شوارع مصر وقد أصبح سب الدين عندهم أسهل من استخدام ألطف الكلمات فى قواميس الشتائم.
هل لديك إذن تفسير واضح لهذا التناقض؟ هل يمكن أن تفسر لى لماذا لا نغضب حينما يتعرض الإسلام للإهانة على يد أحد أبنائه؟ لماذا نتجاهل الأمر وكأنه لم يحدث؟.. طيب دعنى أختبرك.. هل يمكنك أن تحاول استعادة كيف كان شعورك وأنت ترى مساجد غزة، بعد أن أصبحت أطلالا تحت أقدام جنود الاحتلال الإسرائيلى؟ هل يمكنك أن تصف لنفسك الآن شعورك وأنت تقرأ تلك الأخبار الواردة من معسكر جوانتانامو عن المصاحف الممزقة؟ أعلم أنك وقتها كنت تعانى بشكل حاد من مزيج غاضب وحانق يسيطر عليك، وأعلم أنك وقتها كنت تتمنى من الله أن يجعلك «مازنجر» أو «رامبو» أو «سوبرمان» لتنتقم من هؤلاء الذين أهانوا دينك.
الغريب فى تلك المعضلة أن أحدا من هؤلاء الذين تظاهروا وبكوا ودعوا للمقاطعة وحرق السفارات لم يفكروا بهذا الشكل، حينما شاهدوا صور أكشاك الكتب فى شارع «النبى دانيال» وهى أطلال تائهة أسفلها كتب ممزقة ومصاحف وكتب تفسير وفقه وحديث مختلطة بتراب الأرض وعفنها، لم يغضب أحد من الإسلاميين ومن حاملى لقب حماة الإسلام وهم يرون كلام الله وأحاديث نبيه وتفاسير فقهائه غارقة فى تراب الهدد.
مشهد الكتب والأكشاك دفعنى لتخيل أن مصر كلها ستنتفض إما دفاعا عن العلم والمعرفة أو ضد إهانة المصحف وكتب التفاسير والفقه ورغم ذلك لم يحدث شىء، لم يصرخ أحدهم فى الحرية والعدالة، ولا فى حزب النور أو الجبهة السلفية، ولم يبك شيخ فوق المنبر ولم يخرج عبد الله بدر على الفضائيات ليتهم المسؤولين بالفجور كما يعشق تكرار فعل ذلك مع أهل الفن، لم يغضب أحد من هؤلاء لكتاب الله الذى تبعثرت أوراقه على الأرض ضمن أوراق الكتب الأخرى وفق تأكيدات أصحاب الأكشاك والصور المعروضة، بل على العكس تماما تفرغوا لتسطيح فعل محافظ الإسكندرية وضباط مديرية أمنها وتبريره مرة بالإيحاء بكونه حادثا عارضا، ومرة أخرى بالتأكيد على أن الأكشاك مخالفة وقد حان وقت تنظيم أمور الدولة وإزالة التعديات على الطرق.
اختفى شيوخ الفضائيات واختفى بكاؤهم، ولم يتحرك أحد وكأن الديانة الرسمية للبلد قد أصبحت فجأة الهندوسية، لم يتحرك أحد وانكشفت الحقيقة.. حقيقة هؤلاء المزايدين باسم الإسلام، سواء كانوا قادمين مع ريح التيار الوهابى، أو بعمة الأزهر، أو بزبيبة الصلاة، فأكشاك الكتب التى تم تدميرها والمصاحف التى تم تدنيسها جريمة بالنسبة لهم غير مكتملة الشروط، لأن الفاعل ليس مسيحياً، للحديث عن مؤامرة كنسية لإهانة الإسلام، وليس أجنبياً للحديث عن نظرية المؤامرة التى تهدف لهدم الإسلام.. الفاعل هذه المرة كان أحد هؤلاء الذين أصابتهم السلطة بالهوس واعتاد أن يدمر هنا، ويهدم أثرا هناك دون تفكير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اسامه
والجوامع التى تحرق ويقتلون من فيها بالعراق و أفغانستان
عدد الردود 0
بواسطة:
هاني عقل
نعوذ بالله من سوء الفهم
عدد الردود 0
بواسطة:
هاني عقل
واين غضبك
عدد الردود 0
بواسطة:
AHMED
يا عم إيه الخلط ده
عدد الردود 0
بواسطة:
adel
فعلا عندك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدى عبدالله
فين بشار من كلامك ..........؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!