اليوم انتصرت كريمان حمزة أول مذيعة محجبة فى التليفزيون المصرى فى تاريخ مصر.. والتى لاقت من الأهوال ما لاقت حفاظا على حجابها، وتمسكاً به وسط أمواج هائلة من السخرية والابتزاز والازدراء والتعويق.
انتصرت كريمان حمزة اليوم وهى فى فراش المرض، بعد أن رأت لأول مرة عدة مذيعات محجبات على شاشة التليفزيون الرسمى المصرى كقارئات للنشرة، مثل فاطمة نبيل ونيرمين البيطار ونيرمين خليل، أو مراسلات مثل لمياء موافى.. وكلهن من بنات التليفزيون اللاتى أقصين عنه عمداً، ودون ذنب أو جريرة سوى ارتدائهن الحجاب.
اليوم لم ينتصر الحجاب فحسب.. ولكن انتصرت كريمان حمزة التى أصرت على ارتداء الحجاب فى برامجها.. ووقفت أمام طغيان صفوت الشريف وزبانيته الذين كانوا يكرهون الحجاب كراهيتهم للعمى.. وتحدت بطش سوزان مبارك التى قال عنها عارفوها «إنها كانت تعتبر أن مصر كلها ليس فيها حجاب.. ولم تكلف نفسها يوماً أن تسير فى شوارع أو حوارى أو مدن أو قرى مصر، لترى كم المحجبات المصريات.. وأن الحجاب هو الزى الشعبى الأول فى مصر».
ولكنها للأسف لم تفعل ذلك يوماً.. ولم تختلط بأحد من «السوقة» كما كانت تتعامل دوماً مع عموم الشعب المصرى بصلف وغرور.
لقد لاقت كريمان حمزة الشابة الرقيقة الراقية الهوان والذل على أيدى رؤسائها فى التليفزيون، رغم أنها ابنة د.عبداللطيف حمزة أستاذ كل من أذاقوها الويلات.. ولولا ذلك ما استطاعت أن تمكث بحجابها يوما فى التليفزيون.
كانت كريمان أول مذيعة فى التليفزيون تجعل للبرامج الدينية قيمة وقدراً وشأنا.. وهى أول من قدمت الشيخ الغزالى إلى الناس، وعرفت الناس بفكره.. وكانت تحب عملها وتحب العلماء.. وكانت تذهب إلى العالم فى منزله، وتتعرف على فكره فى البداية ثم تأخذ كل كتبه وتقرأها جميعاً قبل أن تسجل معه.. وكانت تقول عن الغزالى «إنها تلميذة منبهرة بأستاذها العظيم.. ويكفى وجود الغزالى معى فى أى برنامج لينجح».
وفى مرة من المرات أرادت أن تسجل معه حلقة حول كتابه «قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة».. ولكنها لم تستطع التوقف عن التسجيل معه إلا بعد عشر حلقات.. وعندما أرادت التسجيل مع الشيخ الفاضل إسماعيل صادق العدوى، قال لها مدير البرامج: «بلاش الراجل ده.. لأن ذقنه طويلة وغير مرغوب فيه».. ورغم ذلك سجلت معه وتحايلت على رؤسائها حتى وافقوا.. وقد سجلت مع د.سعاد ماهر أستاذ الآثار العظيمة بجامعة القاهرة.. اعترض مديرها بعد إذاعة الحلقة قائلاً: «بها سيدتان محجبتان» وهما أنا والضيفة.. وسجلت يوماً فى مسجد، فقال لها رئيس القناة «إيه العمم دى كلها» يقصد الحجاب.. ونسى أنه لا يجوز للمرأة أن تذهب للمسجد إلا بالحجاب.
وحينما سجلت مع د.القرضاوى حول الوسطية فى الإسلام ومحاربة التطرف جاءها خطاب شكر من رئاسة الجمهورية.. ولكن رئيسة التليفزيون استدعتها موبخة لها «أليس لديك حسن إعلامى وسياسى.. كيف تستضيفين القرضاوى وهو من رموز الإخوان».
وكانت كل أمنيات كريمان حمزة أن تنتقل البرامج الدينية من الاستوديو إلى خارجه مثل كل البرامج الأخرى.. ولكن رئيس التليفزيون ومديرها يقولان لها: «سجلى فى الاستوديو أو فى مسجد التليفزيون.. ليس لدينا عربات تسجيل لكم.. وهل هناك أحد يسمع البرامج الدينية».. مما اضطرها أحياناًً أن تسجل مع الضيوف على ظهر باخرة على حسابها الشخصى.
والآن يفعل ذلك د.عمرو خالد فى برامجه بسهولة ويسر ودون عناء ويفعله غيره.. دون أن يتذكر أحد من هؤلاء هذه الداعية العظيمة النبيلة كريمان حمزة بنت الذوات التى ضحت بكل شىء من أجل أن تبلغ رسالة الإسلام للناس.
وفى أواخر عهدها صدر قرار من التليفزيون لكريمان بألا تسجل إلا مع شيخ الأزهر أو المفتى أو د.أحمد شلبى.. مما جعلها تترك التليفزيون كله، وتذهب إلى قناة اقرأ وتسجل فيها قرابة (130) حلقة لتنضم إلى أكثر من 1500 حلقة سجلتها فى التليفزيون المصرى، عرفت فيها العالم الإسلامى كله بمعظم علماء ودعاة الإسلام غير المصريين، مثل د.عبدالمجيد الزندانى، ود.الصواف، ود.حسين القزاز رئيس رابطة العالم الإسلامى.. والمصريين مثل د.القرضاوى والغزالى وياسين رشدى ود.عمر عبدالكافى وغيرهم.
لقد كانت كريمان تحب العلماء وتقول عن نفسها: «أنا سميعة جيدة للعلماء، وتطرب أذنى للكلام معهم.. وأحب العلماء جميعاً بجميع اهتماماتهم».
يا سيدتى الكريمة كريمان حمزة، شفاك الله وعافاك.. وعليك اليوم أن تفرحى بنصرك وبأن جهدك وجهادك لم يضع هباءً منثوراً.
يا حفيدة الشيخ محمود حمزة العالم الأزهرى الشهير، وابنة أستاذ الصحافة ومنشئ كليات الإعلام فى مصر والعراق وأم درمان.. وابنة سيدة راقية كانت تجيد الانجليزية والفرنسية ولغات أخرى.. عليك أن تسعدى اليوم، فقد طاب ثمر كفاحك وأينع.. ولك تحياتى ودعواتى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة