فى سبتمبر من كل عام يبدأ بعض المتعصبين فى أمريكا بث دعايات ضد الإسلام. قبل عامين أقام القس تيرى جونز ضجة عندما هدد بحرق نسخ من المصحف، قبلها فعل نفس الشىء القس فريد فيليبس، قس كنيسة ويستبورو بابتيست، وهذا العام يعود تيرى جونز لينتج فيلما يصور المسلمين على أنهم إرهابيون، ويقدم مشاهد تعتبر الإسلام دينا دمويا، وتسىء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. وهو الفيلم الذى أثار غضب المسيحيين والمسلمين، وحرص أقباط الداخل والخارج على إدانته بالفعل وليس بالادعاء، لأنه لا يفيد قضية، ويصب لصالح الطائفية والعنصرية، ومحاولات التفتيت وشق الصف.
الفيلم تكرار لمحاولات ساذجة سبق أن بثها متعصبون بعد سبتمبر، ومن شاهدوه يعرفون أنه قص ولصق يكشف عن جهل صانعيه بالإسلام والتاريخ، كما أنه يخلط بين المسلمين والإسلام، وبين المتطرفين المرفوضين إسلاميا، وبين رموز الإسلام. وقبل خمسة أعوام كان هناك فيلم بنفس الكيفية لم يلق رواجا.
ولاشك أن وجود المحامى اللاجئ موريس صادق، وإعلان دعمه لعرض الفيلم المسىء، دفع البعض لاعتباره من إنتاج أقباط المهجر، بالرغم من أن كل الأقباط تبرأوا من الفيلم، ومن موريس الذى يعتبرونه مهووسا ومريضا نفسيا. وأعلن رجل الأعمال القبطى فى البرازيل إبراهيم زكى لوقا أنه سيرد بإنتاج فيلم عن عبقرية محمد، وقال إن ما فعله بعض الأقباط فى المهجر مخالف لتعاليم السيد المسيح، والذين أنتجوا الفيلم لا يعلمون عواقبه على المسيحيين الذين يعيشون فى مصر، لأن الذى سيشاهد الفيلم لن يفرق بين قبطى يعيش فى الخارج، وآخر فى الداخل.
كلمات لوقا تشير إلى أنه ربما كان من يروجون مثل هذه الأعمال يعملون لصالح جهات تريد إشعال الطائفية والعرقية ضمن مخطط تفتيت طويل المدى، وأن هؤلاء يعملون مع متعصبين مسلمين لإشعال الأمور كلما هدأت.
ولا ننسى أن جونز وموريس مهووسان بالأضواء، وردود الأفعال التى تهدد وتحرض على هؤلاء تمنحهم المزيد من الدعم، ولو كان الأمر بأيدينا لدعونا لتجاهلهم، والاكتفاء بمقاضاتهم بتهم ازدراء الأديان، وتغذية الصراعات الطائفية، والمذهبية.
وهناك دائما إيجابيات من تصرفات المتعصبين، لأنها تكشف حجم الغضب لدى المسيحيين والمسلمين الطبيعيين، وتفيد المسلمين المعتدلين الذين يشكلون أغلبية، وعلى المسلمين أن يستغلوا الحملة لإعلان رفضهم التعصب والعنصرية، ويقدموا الصورة الصحيحة للإسلام، خاصة أن محاولات جونز والفيلم المسىء تؤدى لارتفاع إقبال الأمريكيين على معرفة القرآن، والاطلاع عليه، وهى فرصة للمسلمين أن يقدموا المزيد للإسلام وحضارته، ورفضه العنصرية والتعصب.
وقد يرى البعض أن الحل السهل هو الدعوة لكراهية مضادة، أو الدفع بمزيد من المتعصبين هنا، بينما لدى المسلمين فرصة لشن هجوم مضاد بحملات للتعريف به، وإزالة آثار القاعدة وأمثالها التى لم تفد الإسلام بقدر ما أضرته.. وبالتأكيد نحتاج العقل أكثر فى مواجهة الأغبياء والعنصريين الذين يسيئون للدين فى كل وقت، وهم متآمرون أغبياء يدعمهم رد فعل أكثر غباء.