وحدوا الله، قولوا لا إله إلا الله، والمسلم يصلى على النبى، والمسيحى يمجد سيده، وكل من له نبى يصلى عليه، هى العبارة الشهيرة «التى فطم وجدانى عليها فى قريتى» للحواة الشعبيين فى مولد العارف بالله سيدى إبراهيم الدسوقى منذ عشرات السنين، الحاوى الشعبى كان يعلم علم اليقين أن من جمهوره المواطن المسلم والمواطن المسيحى، وكان يعلم أن الوجدان الشعبى المصرى لا يفرق فى المواطنة بين المواطن المسلم والمواطن المسيحى فاخترع العقل الشعبى هذه العبارة العبقرية: «موسى نبى وعيسى نبى ومحمد نبى وكل من له نبى يصلى عليه، المسلم يصلى على النبى، والمسيحى يمجد سيده»، وكانت هذه العبارة البسيطة العبقرية فى بساطتها تجسد كل التشريعات والقوانين التى تحكم كل العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فى الوطن، طبعا لم يكن يعرف العقل الشعبى المصرى مصطلح «مدنية الدولة» لأنه لم ير يومها محللى الفضائيات السياسيين الذين يهلفطون ليلا نهارا فى الفضائيات فى هذه الأيام، لكن العقل الشعبى المصرى بفطرته السليمة توصل إلى أن «الدين لله والوطن للجميع» بلا فذلكة ولا تقعر ولا فجاجة ولا متاجرة، إنها «الدولة المدنية» التى تتجذر فى وجدان الوطن عبر التاريخ ويظهر جوهرها النفيس فى عبارات بسيطة على لسان المواطن الذى طحنه ظلم الحكام الطغاة وداست على قلبه سنابك خيول الغزاة فقاومها وانتصر عليها جميعا بكفاح المصريين جميعا مسجدا وكنيسة، وبالتأكيد فإن فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين قد عرف فى طفولته هذه العبارة التى ظلت عبر التاريخ شعارا شعبيا للمصريين، لكن فضيلة المرشد قد ورث عمن سبقه طريقة بناء الجماعة «سواء كان البناء الفكرى أم البناء المادى للجماعة من تشكيلات وأسر وشُعب» فهندس البناء الحالى بالتأكيد على أسس تناقض ما جاء فى هذه العبارة الشعبية البسيطة الجامعة، وتمت هندسة البناء «الفكرى والمادى» على أسس الدولة الدينية وقام ويقوم فضيلة المرشد العام بدور «المهندس» الذى يحافظ على هندسة البناء ويضيف إليه لتستمر الجماعة فى جهادها لتحقيق الدولة الدينية التى تنضوى تحت رايتها كل بلاد المسلمين، وأخيرا نجحت الجماعة فى استغلال كل الظروف والملابسات وتهالك وتناحر وانتهازية كل القوى السياسية الرسمية المناوئة لها فى توصيل أحد نواب المرشد إلى كرسى الرئاسة لتضيف إلى هندسة البناء لبنة كبرى هى كرسى الرئاسة يساعدها بقوة لتحقيق هدفها الخالد فى الدولة الدينية، لكن فضيلة المرشد مهندس بناء الجماعة كان قد تم إجباره على إضافة بناء مدنى هو حزب الحرية والعدالة ليعمل فى العلن بشروط الدولة المدنية، وتمت هندسة البناء الجديد ليصبح هو الجناح المدنى للجماعة الدينية خضوعا واستغلالا وتحايلا على قوانين وأعراف مجتمع يرفض الدولة الدينية بالفطرة مع تدينه الحقيقى، ولا يوجد منصف لا يعترف بأن معظم أفراد الجماعة التى يقودها فضيلة المرشد «على الأقل كل من أعرفهم» من الأفراد المحترمين والوطنيين والذين حازوا على أرفع الدرجات العلمية وتخرجوا فى الجامعات على اختلاف تخصصاتها وتحلوا بأفضل ما فى الشعب المصرى من أخلاق، وبالتأكيد فإن كل هذه الصفات التى يتمتع بها معظم أفراد الجماعة تنطبق على البناء المدنى الذى هو الذراع المدنية للجماعة، وما نجده من سب وشتائم على لسان أحد أفراد ذلك الذراع المدنية للجماعة، إنما هى من منطلق سياسى وتحقيقا لأهداف الجماعة فى تشويه خصومها السياسيين، وهى مسألة قد تكون مشروعة فى لعبة السياسة ولكنها بالتأكيد ممجوجة فى حقيقة الأخلاق فمثلا ما حدث من سب وأكاذيب على اليسار المصرى التى جاءت على لسان «واحد من الجماعة» من الذراع المدنية كانت بقوانين لعبة السياسة التى أظهرته بمظهر المضلل لكنه بقوانين الأخلاق الفردية ليس مضللا، بل أعرف عنه أنه على المستوى الشخصى شخص محترم وصاحب تاريخ محترم فى معارضة المخلوع وحكمه الفاسد وهى نفس الصفات المحترمة على المستوى الشخصى التى يتمتع بها «المهندس» الذى أوكلت له الجماعة بناء الكيان المدنى والذى يجلس الآن فى سدة الرئاسة رئيسا مدنيا لكل المصريين والذى شارك فى بناء الذراع المدنية للجماعة وهندس البناء على القوانين المدنية للدولة فوضعه فضيلة المرشد على رأس البناء الذى يضم المجاهرين بمدنية الدولة بناء على تعليمات فضيلة المرشد لمواءمة ظروف الجماعة فى الحكم تحت قيادة «المهندس» الذى أصبح «سيادة الرئيس»، ولأن أعضاء الذراع المدنية من العاقلين المتعلمين المثقفين المحترمين أخلاقيا على المستوى الشخصى، فلن يكتفوا بلعب دور الذراع المدنية مرددين شعارات الدولة المدنية كغطاء قانونى لتحقيق هدف الدولة الدينية، ولن يظلوا مجرد أدوات لتزييف الشعارات المدنية ذرا للرماد فى العيون فتركيبتهم العلمية الثقافية والأخلاق الشخصية واحترامهم لأنفسهم، ولكنهم تدريجيا سوف يتعاملون مع ما يرددونه من شعارات مدنية الدولة لا بصفتها ذرا للرماد المدنى فى العيون تنفيذا لتعليمات فضيلة المرشد، بل سوف يحكمهم الواقع وأخلاقهم الشخصية واحترامهم لأنفسهم بتصديق شعارات الدولة المدنية والعمل على استكمال بناء كيانهم المدنى، وهذا بالتأكيد سوف يحدث تباعدا بينهم وبين الجماعة التى ابتدعت هذا البناء للالتفاف وتحقيق هدفها النهائى فى بناء الدولة الدينية، كما أن «المهندس» الذى كان على رأس البناء المدنى سوف يجد نفسه على مسافة تتسع مع مرور الوقت من فضيلة المرشد، وعلى المستوى الشخصى أجد نفسى أصدق «المهندس» فى شعارات مدنية الدولة التى يرددها، وأثق أنه لا يردد أكاذيب، فأخلاقه الشخصية ودرجته العلمية الرفيعة وثقافته سوف تحكمه ليكون صادقا فى كل ما يردده على مسامع الشعب المصرى فيما يخص مدنية الدولة، لذلك فإن «سيادة المهندس» سوف ينضم إليه كل من يشبهه وسوف يختلف مع «فضيلة المرشد» وكل من يشبهه، ولن ننتظر طويلا حتى نرى بوادر هذا الخلاف الذى سوف يقوده «سيادة المهندس» ففضيلة المرشد سوف تحكمه شعاراته، لأننا نصدقه و«المهندس» سوف تحكمه شعاراته، لأننا نصدقه والخلاف الذى سوف يحدث هو الدليل على صدق كل منهما فيما يقدمه من شعارات للشعب المصرى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة