لم يجد المخرج التليفزيونى الرائع الراحل إسماعيل عبدالحافظ استجابة من مؤسسة الرئاسة لعلاجه على نفقة الدولة فى الوقت الذى لا تكف فيه عن تأكيدها على احترام الفن والإبداع، فباع الرجل ما يملك ليسافر إلى باريس للعلاج رغم أن حصيلة البيع لم تكن بقدر النفقات المطلوبة، وفى النهاية رحل المبدع الكبير، تاركا وراءه سؤالا كبيرا: «لماذا لم تستجب الرئاسة لنداءات علاج الرجل على نفقة الدولة؟»
عرفت إسماعيل عبدالحافظ، منذ أن بدأت علاقتى بقرينه فى رحلة الإبداع الراحل العظيم أسامة أنور عكاشة منتصف الثمانينيات من القرن الماضى فى بداية حياتى الصحفية، كان مسلسل «الشهد والدموع» بجزأيه والذى كتبه أسامة وأخرجه إسماعيل حديث المشاهد العربى، وكان مفتتحا لثنائى عظيم تأليفا وإخراجا، قدم بعد ذلك العديد من الأعمال أهمها «ليالى الحلمية» التى تعد عبقرية الدراما التليفزيونية بأجزائها الخمسة، بما حملته من تأريخ سياسى واجتماعى لمصر، وانتصارا لبسطائه الذين يعطون التضحيات، ولا يأخذون المقابل.
إسماعيل عبدالحافظ بجلبابه الشهير الذى كان يرتديه أثناء عمله، وبشعره الأبيض وجاذبية حديثه، كان أبويًّا فى كل شىء، تمتزج فى شخصيته الطيبة بالإبداع، بالموقف السياسى «الناصرى» الذى لم يساوم عليه أبدا، دون انغلاق أمام الأفكار الأخرى، وهو ما يتضح فى العديد من أعماله الدرامية.
ضمن أعماله الرائعة، كان مسلسل «خالتى صفية والدير» للروائى الكبير بهاء طاهر، الذى يكشف عمق العلاقة بين المسلمين والأقباط التى تجلت فى أن يكون أحد الأديرة بالصعيد مكانا آمنا للمسلم «حربى» بطل الرواية، الذى قضى فترة السجن ظلما فى قضية قتل، ولما اعتلت صحته فى السجن خرج، فكان الدير ملجأه باقى حياته خوفا من الثأر، وبقدر روعة الرواية فى تناولها لهذا الجانب، جاءت روعة تصوير المسلسل لها، والتى أجهشت المشاهدين بالبكاء حين بكى بحرقة خادم الدير الذى جسده الرائع الراحل سيد عبدالكريم، بكى حربى بعد مقتله، ولما قابلت إسماعيل عبدالحافظ بعد انتهاء عرض المسلسل بأيام، ونقلت له بكاء أمى رحمها الله فى هذا المشهد، قال: «علينا أن ننتبه لعبث الذين يتربصون بنا، ويلعبون فى العلاقة بين المسلمين والأقباط».. رحم الله إسماعيل عبدالحافظ، وليرحم الله مصر مما يدبر لها فى الخفاء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيخ
رحم الله مخرجنا الكبير الراحل اسماعيل عبدالحافظ ورحم أمواتنا جميعا
عدد الردود 0
بواسطة:
عزيزة محمد
اصبحنا دولة النفاق
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عزت
الفقراء اهم....
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن
الى عزيزة رقم 2
عدد الردود 0
بواسطة:
موسى كابيرو
خالص الشكر على حذف التعليقات المسيئة للأديان
شكرا للأدمن
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية جدا
تعليق 5 : طبعا شكرا ولكن