كمال حبيب

محنتنا مع الغرب.. من العدوان العسكرى إلى العدوان العقدى

السبت، 15 سبتمبر 2012 04:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماذا يفعل العالم الإسلامى وشعوبه مع عالم الغرب، فقد تعرض عالمنا لغزوة استعمارية همجية استهدفت احتلال أراضينا واستغلال ثرواتنا منذ مقدم نابليون إلى مصر فى نهاية القرن الثامن عشر، عرفنا بعد ذلك احتلال الجزائر فى منتصف القرن التاسع عشر بالإخضاع بقوة السلاح ومحاولة تغيير الدين والهوية الحضارية لبلدان المغرب العربى، وعرفنا الاحتلال الإيطالى لليبيا، ثم عرفنا المؤامرة لإسقاط الخلافة العثمانية مع كمال أتاتورك والتى كانت جزءا من اتفافية لوزان التى منحت تركيا استقلالها من احتلال قوات الحلفاء، ثم عرفنا تقسيم العالم العربى بعد الحرب العالمية الأولى والتى تعرف باتفاقية سايكس بيكو، ومن قبل عرفنا وعد بلفور البروتستانتى المتعصب لليهود وللأصولية الإنجيلية والذى منح لليهود الحق فى فلسطين.

ثم عرفنا من الغرب فى العالم الإسلامى دول ما بعد الاستعمار، والتى كانت دولا علمانية استبعدت بشكل كامل الشريعة الإسلامية كنظام قانونى واجتماعى وسياسى بالطبع، ثم جاءت بعد تلك الدول العلمانية دول علمانية أشد تعصبا متسترة بقومية أصولية فزادت فى إمعانها فى ضرب المسلمين وحصارهم، وبقدر ما كانت تلك النظم تقاوم الغرب على المستوى السياسى فإنها كانت ربيبته على المستوى الثقافى سواء أكان عبدالناصر الذى كان مفتونا بالنظام الإنجليزى أو السادات الذى كان مفتونا بالحضارة الغربية أو مبارك الذى كان عبدا وعميلا لتلك الحضارة.

يواجه العالم الإسلامى محنة وابتلاء حقيقيا لغرب يكره العالم الإسلامى منذ استطاعت الدولة العثمانية أن تدق أبواب فيينا مرتين آخرها كان عام 1683، وهنا استيقظ الغرب على حقيقة واحدة هى أن العالم الإسلامى هو عدوه ولابد من تمزيقه وتقزيمه بحيث لا تقوم له قائمة بعد، وهنا كان العنف الاستشراقى الذى سبق الجيوش لفهم ما يجرى فى ذلك العالم المغلق على الغرب وخاصة النظام الحضارى والثقافى والعقدى الذى حفظ لهذا العالم تماسكه وقوته، ومن هنا فإن معركتنا كعالم إسلامى مع الغرب هى فى الحقيقة معركة حضارية عمقها فى العقيدة والثقافة والنظام الاجتماعى والسياسى، الغرب يريد لنا أن نكون مثله ومركزية الغرب معروفة وأنانيته وعدوانيته جزء من تكوينه، وهنا فإن محنتنا معه هى أننا نريد أن نكون عبيدا لله ولسنا عبيدا له، نريد أن يكون لنا نظامنا الذى يجعل من الوحى مرجعيته، بينما هو يريد أن يكون العقل والإنسان والحداثة التى لا مرجعية لها هى نظامه، يا ويل العالم من هذا الغرب، إننى أردد ما قاله الندوى "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين"، إن محنة العالم المعاصر هو تسيد الغرب الذى انتقل من العلمانية الجزئية إلى العلمانية الشاملة بتعبير المسيرى، ومن ثم فإن القيم ذاتها والدين ذاته والإنسان ذاته تحول إلى شىء ولم يعد هناك مرجعية أو ثابت يمكن أن يعود الإنسان إليه.

الغرب يخرج علينا كل يوم بفتنة يريد من خلالها استفزازنا، وهذه الفتنة تمس ديننا وعقيدتنا وتمس مقدساتنا باسم حرية التعبير عنده، وهذه كذبة كبرى يتخذها ستارا لفتنتنا وإثارة القلاقل فى عالمنا العربى الإسلامى الذى لا يزال يحتفظ بدينه وشريعته وحضارته ويناضل من أجل إعادتها لتكون مرجعية واختيارا لشعوبه، من قبل سمعنا عن سلمان رشدى، وسمعنا من قبل عن كاريكاتير مسىء للنبى صلى عليه وسلم لصحيقة "يولاندز بوستن"، وأعيد نشر الكاريكاتير فى مدن التحضر والأنوار فى باريس وفى برلين وأوسلو وغيرها من المدن الغربية. وسمعنا عن فيلم فان جوخ الهولندى بعنوان "الخضوع" وبعد انتصار حركة النهضة فى تونس دشنت صحيفة تشارلى إبدو كاريكاتيرا للنبى صلى الله عليه وسلم، كل هذا العدوان الحضارى والعقدى والدينى، لم نسمع من يوقفه عند حده فى الغرب، هذا الغرب ينتقل الآن من عدوانه العسكرى على عالمنا وعدوانه السياسى والاقتصادى إلى عدوانه العقدى والحضارى والاجتماعى.

امتحاننا مع الغرب هو التحرر من سطوته العسكرية والاقتصادية والسياسية حتى يمكننا أن ننتصر فى معركة الهوية والحضارة معه، يبدو أن الغرب لم يعد يصبر ليخفى مشاعر البغضاء والعداء تجاهنا فيظهر صبيانه من داخله ليخلقوا فتنه جديدة تسىء للنبى صلى الله عليه وسلم وليفتح الباب واسعا للفتن فى عالمنا الإسلامى "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"، ونحن صامدون متمسكون كعالم إسلامى بهويتنا ومرجعيتنا ومقدساتنا فهذه معركة جديدة لنا مع الغرب يجب أن نصمد ونقاوم وسننتصر بإذن الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة