قد تكون مؤامرة، لكن نجاحها مرهون بقدرة الأغبياء على دعمها. وكل مؤامرة وراءها عقول تخطط، يكون المنفذون أدوات يتم استغلال تعصبهما وتوظيفه مع إيهامهم أنهم يتحركون بقرار شخصى. فى قضية الفيلم المسىء للرسول، بدءا من تصويره والجهات التى نفذته، وصولا للمصادمات والحرائق، تداخل الأمر وسار فى طرق معقدة، مظاهرات وتصادمات وحرق وقتل وضحايا، ليس من بينهم صناع ومروجى الفيلم. وفى الخلفية أجهزة وأشخاص يستفيدون من رد فعل لا يخلو من حسن نية أحيانا، وسوء نية فى بعض الأحيان.
بالرغم من كل الضجيج فإن الجهة التى صنعت الفيلم المسىء وأنتجته ظلت غامضة، وبعد مقتل سفير أمريكى وحصار وحرق سفارات أمريكية، وسفارات لدول لا علاقة لها بالفيلم مثل سفارة ألمانيا التى حرقها متظاهرون سودانيون. وفى اليمن وتونس وليبيا سقط قتلى وجرحى، وشن المتظاهرون فى مصر هجومهم على الشرطة التى من المؤكد أن أفرادها غاضبون أيضا من الفيلم، لكنهم وجدوا أنفسهم ضمن الأعداء.
الإدارة الأمريكية هى الأخرى وجدت نفسها متهمة بالتقاعس عن حماية مواطنيها. وظهر المنافس الجمهورى رومنى واليمين الأمريكى ليتهموا أوباما والديموقراطيين بالتساهل. وبدا أن الأمر جزء من السباق الانتخابى، حيث يزحف اليمين مستغلا الأحداث، ويحاول أوباما الرد بإرسال قوات البحرية لتأمين البعثات الدبلوماسية، فى محاولة لدعم موقفه الانتخابى.
كل هذا والفيلم المسىء نفسه وصناعه مختفون، وكل ما ظهر منه على يوتيوب مشاهد بدائية وتمثيل ردىء أخذت شهرتها بعد المظاهرات الغاضبة، ولم يعرف أحد من وراء الفيلم، وهل هو القس المتطرف تيرى جونز، أم موريس صادق، أم جهة إسرائيلية أم يهودية؟ مخرج ومنتج الفيلم لم يعرف إن كان أمريكيا أم يهوديا أم مجرد واجهة لأجهزة ودول، صنعت الفخ وهى تعرف التداعيات، والممثلات والممثلون فى الفيلم قال بعضهم إنهم تعرضوا للخداع ومثلوا مشاهد منفصلة فوجئوا بها تجمع فى الفيلم المسىء.
القضية كلها بدت مقصودة لإشعال النيران التى ينفذ منها العنف والصدام، ويدفع مواطنون مصريون وعرب الثمن بينما تختفى الجهة والأشخاص الذين يقفون وراءه. صدام بين المسلمين والمسيحيين، بالرغم من رفض كل المسيحيين للفيلم، فقد رد مهاويس بحرق وتمزيق الإنجيل، وحرضوا على أقباط فيما يفتح بابا لفتنة جديدة تضاف لفتنة ضرب وحرق الشرطة. وبوعى أو بدون ظهر من يدعم الفوضى ويساعد المؤامرة.
فى المظاهرات لم تظهر جهة وراء الحرق والصدام، قد يكون بعض المشاركين مجرد أشخاص من محترفى الصدام والعمل فى الفوضى، وقد يكون بعضهم عاملا بالأجر، لصناعة الفوضى، فيما يسمى الطرف الثالث الذى ينسبه بعض المحللين لجهات من بلطجية ونظام سابق وخلافه، لكنه تفسير بلا دليل يستسهل إطلاق اتهامات قد تكون مريحة لكنها لا تفيد.
ولو كانت هناك مؤامرة فهى مؤامرات معلنة وتدور على الهواء، وخطط تتوقع رد الفعل الغبى، فتواصل عملها وسط الأغبياء من أصدقاء المؤامرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة