نعرف جميعا أن الذين أنتجوا الفيلم مجموعة من المتطرفين العنصريين، الذين لا يعرفهم أحد فى عالم السينما أو الإعلام، وربما كان بحثهم عن الشهرة، إضافة لكراهيتهم للإسلام وحقدهم على الرسول الكريم، وراء تفكيرهم المريض وإنتاجهم لهذا الخليط الغريب من الأكاذيب والافتراءات والتى شاهدت بعضا منها على اليوتيوب.
ما رأيته لا يمت لصناعة وفن السينما بصلة، فهى مجرد مشاهد لا رابط بينها سوى الحقد والكراهية ومحاولة اغتيال أعظم خلق الله وتشويه صورته، أى أننا أمام رسالة إعلامية تقدم أسوأ أنواع الدعاية السوداء القائمة على نشر الأكاذيب وإثارة النفوس وإشعال الحروب، ولأن العصابة التى أنتجت الفيلم تعرف أن معظم الجمهور الأمريكى لن يهتم بما تقدمه ولن يشاهده، لذلك حرصت على ترجمته إلى اللغة العربية، حتى يصل إلى المسلمين العرب، ويحقق أهدافه فى إثارة الرأى العام، ودفعه للاحتجاج وربما الاعتداء على الإخوة المسيحيين وعلى السفارات الأمريكية، وهو ما تحقق جزئيا فى أرض الواقع وفى عديد من الدول العربية والإسلامية.
بأفعال بعض المسلمين تحققت أهداف عصابة الفيلم، فقد خرج الاحتجاج السلمى المطلوب عن مساره الصحيح، واعتدى متظاهرون جهلاء وغاضبون على سفارات وقنصليات أمريكا فى مصر وليبيا واليمن، وأضروا بصورة المسلمين، وبمصالح بلادهم التى خرجت بعد ثورات الربيع العربى فى حاجة إلى جذب الاستثمارات واستعادة السياحة، لكن الفوضى والتخريب الذى التصق بالاحتجاج على الفيلم أرسل للعالم رسائل سلبية مفادها أن الأمن غير مستقر فى دول الربيع العربى، وأن الوضع هش وقابل للانفجار، فالحكومات غير قادرة على حماية السفارات الأجنبية، المفارقة هنا أن الدول العربية الاستبدادية لم تسمح لمواطنيها بالتظاهر بينما سجلت دول الربيع العربى أعلى معدلات الاحتجاج السلمى وغير السلمى، ما دفع بأصوات أمريكية لمراجعة مواقف واشنطن من ثورات العرب، ومن الإخوان وجماعات الإسلام السياسية، حتى إن كاتبا أمريكيا قال: دول الاستبداد قادرة على حماية مصالحنا من دول الثورات العربية التى وقفنا معها!
لكن فات هذا الكاتب وغيره أن استبداد مبارك وصالح والقذافى هو من أنتج مواطنين غير واعين بمصالحهم أو مصالح أوطانهم، فهم لا يدركون جوهر الإسلام ورسالته السمحة، لذلك تورطوا فى أعمال عنف يرفضها الإسلام، كما تورطوا فى التصويت فى الانتخابات لمرشحين متطرفين دينيا، ودعاة مغالبة وهيمنة لا مشاركة، ما شاهدناه من ردود فعل غاضبة وفوضوية هى لمسلمين صدمهم فيلم مسىء، لكن هذه الصدمة لا تبرر تورطهم فى أعمال شغب وتخريب، هم مسلمون حقا لكنهم نتاج تعليم سيئ، وخطاب إسلامى جامد ومتشدد ولا يعترف بالآخر، خطاب يركز على مظاهر التدين، ويهمل جوهر الإسلام وسلوكيات المسلم الحقيقى، لذلك وقع هؤلاء ضحية دعاة التشدد، وفقهاء الحيض وإرضاع الكبير وأنواع الجن.
لابد أن نتعلم ونمارس جميعا حق الاحتجاج والتظاهر السلمى، وأن نميز بين الاحتجاج السلمى والاعتداء والتخريب، فالعالم سيفهم ويقدر رسالة الاحتجاج السلمى لكنه لن يتقبل التخريب، ولابد أيضا أن نبحث ونعمل لمنع الإساءة لكل الأديان والعقائد السماوية وغير السماوية، من خلال سن قوانين دولية تميز بين حرية الرأى والتعبير والإساءة للأديان، حتى نقطع الطريق على المغامرين العنصريين فى كل الأديان لاستغلال المشاعر وإشعال الفتن بين الشعوب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة