لم ينجح منتجو الفيلم القذر والمسىء للرسول الكريم فى تحقيق الهدف الأسمى والأغلى لنواياهم الخبيثة ونفوسهم المريضة -حتى الآن على الأقل- وهو إشعال حرائق الفتنة الطائفية داخل البلدان الإسلامية بين المسلمين والمسيحيين، وما يهمنى هنا بالطبع مصر، لأنها الهدف من وراء بعض الأعمال والنشاطات المريبة لقلة مارقة من أقباط المهجر لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وتحديدا فى الولايات المتحدة الأمريكية، هو إذكاء نار الفتنة بيت أبناء الشعب الواحد للمتاجرة بقضية اضطهاد الأقباط فى مصر مع تصاعد نفوذ تيار الإسلام السياسى ووصوله إلى الحكم، وبالتالى إحياء مخطط تقسيم مصر إلى دويلات منها دولة قبطية.
والحقيقة كانت أيدينا على قلوبنا خوفا وقلقا فى ظل انفلات المشاعر الغاضبة ضد الفيلم فقد صاحَبه أيضا انفلات وجنوح فى مواقف وفتاوى بعض «مشايخ الفضائيات» كادت أن تحرض على أعمال فتنة، غير أن المواقف المشرفة والوطنية لشركاء الوطن من الأشقاء المسيحيين بكل طوائفهم أجهضت تلك المحاولات المشبوهة من أعداء الوطن فى الداخل.
المخزون الثقافى والحضارى للمصريين جميعا كان حاضرا بقوة فى تلك اللحظة، وسارع الأشقاء المسيحيون فى تنديد ورفض الإساءة لرسول الإسلام الكريم، وشاهدنا احتجاجات الكنائس ضد الفيلم التافه وتقدم المسيحيون من الآباء والكهنة المظاهرات الاحتجاجية فى كل أنحاء مصر جنبا إلى جنب مع أشقائهم المسلمين وفى بعض الأحيان كانوا أكثر غضبا واستياء، فقد وحد الفيلم المقرف جميع المصريين الذين استدعوا فى تلك اللحظة الخطرة وعيهم التاريخى والوطنى حفاظا على وطنهم من التمزق والتشتت بفعل عمل فنى حقير، واتحد الجميع ضده مثلما اتحدوا عبر تاريخهم المجيد ضد الصليبيين وضد المستعمرين الإنجليز.
كل الكنائس المصرية، وفى مقدمتها الكنيسة الأرثوذكسية الأم نددت بالفيلم وبمن أنتجه وشارك فى إعداده، وقاد كاهن كنسية السيدة العذراء مريم بالدقى الوقفة التى نظمها المئات من المسلمين أمام مسجد مصطفى محمود بعد صلاة الجمعة الماضية احتجاجا على الفيلم المسىء للرسول، وعبر الكاهن عن استيائه وغضبه من الفيلم المسىء للرسول، وأعلن تضامنه مع المسلمين فى وقفتهم ضد الفيلم الذى أنتجته فئة قليلة لا تمت للمسيحيين والكنيسة بشىء، وأن حضوره ليس مجاملة لأحد ولكنه واجب وطنى تجاه المسلمين كإخوة للمسيحيين فى وطن واحد.
هذا هو الفشل الحقيقى لمنتجى الفيلم المسىء للرسول فى الخارج وبعض الأيادى العابثة فى الداخل، وهنا نتذكر مقولة واحد من أهم مفكرى وسياسى مصر فى الأربعينيات والخمسينيات، مكرم عبيد عندما أطلق مقولته الخالدة فى وجه الاستعمار.
«نحن مسلمون وطناً ونصارى ديناً، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن أنصارا.. اللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة