مثلما يفضل البعض نظرية المؤامرة، يستريح البعض الآخر لنظرية «المندسين» والطرف الثالث، وفى كل مرة لا يظهر هذا الطرف. فى أحداث السفارة الأمريكية عاد الحديث عن جهات وأشخاص مندسين، وأموال تدفع للمخربين، لحرق سيارات الشرطة والاعتداء على الأمن، ورفع أعلام سوداء ونقل الأحداث من الاعتراض على الفيلم المسىء إلى تخريب وإساءات وفوضى.
الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، قال إن لدى الحكومة معلومات مؤكدة بأن أعداداً من المتظاهرين تلقوا أموالاً للاحتجاج أمام السفارة الأمريكية، فى إطار التنديد بالفيلم المسىء للإسلام، وأن السلطات المعنية تتحرى للوصول إلى من دفعوا الأموال، وبعض المقبوض عليهم اعترفوا بتلقى أموال، وفى هذه الحالة يفترض الإعلان عن الجهات أو الأشخاص الذين يمولون التخريب، لأن المخربين أدوات وليسوا الفاعل الأصلى.
وهو ما ينقلنا إلى تفسيرات القيادى الإخوانى الدكتور محمد البلتاجى الذى قال إن لديه معلومات أن عصابات نخنوخ وشفيق والفلول وراء الأحداث، وأشار إلى وجود تسجيلات تكشف عن المتورطين، وحتى لا تكون مجرد اتهامات تليفزيونية، يفترض أن يسارع البلتاجى بتقديم ما يثبت تورط الفلول أو النخانيخ، وعلاقتهم برفع أعلام تنظيم القاعدة السوداء، وهل يعنى ذلك تحالف الفلول مع القاعدة؟ وننتظر أن يقدم البلتاجى ما يثبت وجود علاقة للأعلام السوداء وتنظيم القاعدة بنخنوخ والفلول،وما إذا كان لذلك علاقة بالمتطرف الذى مزق الإنجيل أمام السفارة، وهو معلن ومعروف وهناك بلاغات ضده، مثله مثل داعية اعتاد تحويل الخلافات إلى سب للمسيحية والمسيحيين، وقيادات حرضت على العنف والطائفية وتجاوزت الاحتجاج على الفيلم المسىء وارتكبت إساءات أشد.
ولو افترضنا صحة تفسيرات المندسين، فهؤلاء يأتون فى المرتبة الثانية، حيث المسؤولية الأولى يحملها من حرضوا طائفيا ووجهوا إساءات لعقائد المسيحيين الذين كانوا من أكثر الفئات رفضاً وإدانة للإساءة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا كانت كل التيارات نفت علاقتها بأحداث السفارة والاعتداء على الممتلكات العامة والشرطة، واتهموا مندسين وأصابع خارجية لم نر منها شيئا، فإن المحرضين معروفون، والأولى أن يتم القبض عليهم، ومعرفة علاقاتهم بالفلول والجهات الخارجية لو كانت موجودة.
حتى لا تظل الأحداث مسجلة ضد مجهول مع أن ضحاياها دائماً معلومون.
ولا يمكن أن يكون الفاعل كائنات فضائية أو عفاريت، بل هم مواطنون يعيشون بيننا، مثل قطاع الطرق واللصوص والبلطجية.. ولا يمكن استبعاد وجود أصابع خارجية أو داخلية من مصلحتها أن تبقى الفوضى ويسود الانفلات، لكن دور الحكومة أن تمسكهم وتعلن عنهم وتقدمهم للعدالة، ساعتها يمكن أن نصدق بوجود أطراف ثالثة وأصابع خارجية، لأن استمرار الاتهامات الهلامية لا يجيب عن الأسئلة، ويبقينا فى حلقة مفرغة، نتهم أشباحاً بإشعال الفتن والحرائق، وقطع الطرقات والسرقة والترويع.
اتهامات رئيس الوزراء لجهات خارجية وداخلية بتمويل المخربين، يستلزم إعلان الحقائق، ونفس الأمر بالنسبة لاتهامات البلتاجى وغيره، حتى لانظل ندور فى دائرة المندسين والطرف الثالث.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة