صريحات المستشار هشام جنينة الرئيس الجديد للجهاز المركزى للمحاسبات تدعو للتفاؤل وتبشر بمرحلة جديدة للجهاز الذى يفترض أنه من أقوى المؤسسات الرقابية فى مصر فى الكشف عن المخالفات والفساد، لتطويره والارتقاء بدوره الحقيقى واستقلاليته بعيدا عن التبعية للرئاسة أو السلطة التشريعية والتنفيذية.
المستشار جنينة مشهود له بالكفاءة طوال عمله فى السلك القضائى ولا ينتمى إلى المنظومة الرقابية والمحاسبية فى مصر، إلا أن تصريحاته الأخيرة عقب توليه مسؤولية الجهاز تؤكد وعيه ودرايته بالمشاكل والصعوبات التى تواجه الجهاز الرقابى الأقدم فى مصر وإعاقته عن أداء مهامه الرقابية طوال السنوات الماضية، وتعرض خلال عهد النظام السابق إلى حملة اتهامات ضارية جعلته فى موضع الشك، بعد أن تم تعديل قانونه ليصبح تابعاً لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب.
الرئيس الجديد لجهاز المحاسبات بمطالبه الأخيرة باستقلالية الجهاز عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، بما فى ذلك رئاسة الجمهورية – إذا تحقق له ما يتمناه - يكون قد وضع قدمه الأولى على الطريق الصحيح للتطوير من خلال مجموعة تشريعات جديدة تنظم عمل الجهاز ولوائحه لتفعيل دوره فى الرقابة على المال العام فى ظل السلطة الجديدة، لكن ربما يكون الطريق صعبا وشاقا لتحقيق مطلب الاستقلالية ويحتاج المستشار جنينة إلى إرادة سياسية جادة وحقيقية لتنفيذ مطلبه، وإعادة الاعتبار والهيبة مرة أخرى للجهاز الذى ظلمه النظام السابق، وجعله أداة من أدوات التستر على وقائع الفساد والتعدى على المال العام من كبار رجال الدولة والمقربين منهم، بل إن الجهاز تورط فى فساد عمليات بيع القطاع العام من خلال لجان الخصصة، فحسب تصريحات المستشار جنينة، فالجهاز لم ينج من منظومة الفساد التى كانت سائدة فى مختلف مرافق الدولة، وحجم وقائع الفساد التى اطلع عليها مهول.
تطوير الجهاز بما يناسب أهميته ودوره فى الرقابة على المال العام يتطلب أيضاً من المستشار هشام جنينة إعادة ترتيب البيت من الداخل والاعتماد على الكفاءات وتحسين مستوى الأداء الفنى للعاملين فيه، خاصة من الفنيين بما يتماشى ومستوى العمل المحاسبى فى الدول المتقدمة، وإعادة توظيف العمالة المتضخمة داخل الجهاز، فلا يعقل أن يكون عدد الإداريين العاملين بالجهاز يبلغ حوالى 9 آلاف موظف، بينما عدد المحاسبين الفنيين لا يتجاوز 3 آلاف محاسب فنى يتحملون عبء الرقابة على المال العام فى مصر ولديهم مشاكل خاصة فى نقص التدريب وتحسين المستوى الفنى، إضافة إلى مشاكل الحياة المعيشية.
مسؤولية المستشار جنينة ضخمة لإزالة آثار عدوان النظام السابق على جهاز المحاسبات.