من جديد عادت اعتصامات ووقفات احتجاجية وتظاهرات، قطع طرقات، موظفون وعاطلون ومؤقتون وفقراء وأطباء ومعلمون وسائقون. وتواصلت عمليات قطع الطرقات بسبب انقطاع كهرباء أو مياه، عشرات الاعتصامات والمظاهرات فى القاهرة والمحافظات ويزدحم رصيف مجلس الشعب بالمعتصمين والمعترضين وهو ما عرف فى فترة ما بالمطالب الفئوية. ولم تعد كذلك.
كل الفئات تقريبا لها مطالب. المحتجون يطالبون بحل فورى، أو جدول زمنى لتلبية المطالب. وتلبيتها تحتاج إلى مئات المليارات، لحل الأزمات الموضعية، قبل التطرق للخطط الطويلة والبعيدة فى الاستثمار والتوظيف. استمرار هذه الحالة الاحتجاجية، يجعل من الصعب التعامل بهدوء لأنه يضاعف من الشعور بالقلق، والعجز، والتعطيل.
الناس عادوا للاعتراض بعد أن شعروا بأنه لا جديد تجاه مطالبهم، وأن ما كان يحدث مع حكومة عصام شرف، والجنزورى، يتكرر مع حكومة قنديل، الحكومة لا تجيب وليس لديها تصور للحل، ولسان حالها يقول «ما باليد حيلة».. الخزانة شبه خاوية، والاحتياطى تم استنزاف أغلبه خلال الشهور الماضية، والدين الداخلى تجاوز التريليون جنيه، وقرض الصندوق المثير للجدل، يتطلب إجراءات تقشفية أو تدخلات فى الدعم والضرائب، من شأنه أن يضاعف التضخم ويرفع الأسعار، والجولات الخارجية للرئيس لم تنتج ثمارها بعد، وتحتاج إلى وقت ومفاوضات، فى وقت تكبس فيه الأزمات ويبدو الحال بلا أفق.
ويدور الحديث عن فرض ضرائب أو رفع الدعم من أجل توفير سيولة. وهى نفس الإجابات التى كانت تطرح أيام مبارك وتدفع وتضاعف من المخاوف والقلق، والتجربة تشير إلى أن الفقراء يتحملون نتائجها.
الإضرابات وقطع الطرق تشكل عائقا للاستثمار، والمحتجون ربما كانت لهم حقوق، لكنهم يستخدمون طرقا تضر بمصالح غيرهم، ومصالحهم. الكثير من الفئات والموظفين، يعانون الظلم، وهى فئات كانت محرومة من التعبير عن رأيها أو المطالبة بحقوقها، لكنهم تحرروا من الخوف. ولا يجدون جديدا لدى الحكومة، التى تقول إنها مثقلة بالمشاكل والديون.
حكومة الدكتور قنديل، لم تبتكر أسلوبا جديدا للتعامل مع الاحتجاجات، والرئاسة هى الأخرى ماتزال فى حالة ترتيب أوراق، تتعامل بشكل موضعى مع تفاصيل تحتاج إلى حل شامل.
ربما على الرئاسة والحكومة أن يسعيا لإنشاء وزارة أو هيئة للتدخل السريع، تستمع إلى شكاوى الموظفين والعمال وتبحثها وترد عليها بتحديد جدول زمنى.
كانت الانتقادات للمجلس العسكرى أنه يدير ولا يحكم، ويفتقد السياسة والتعامل مع وضع صعب واستثنائى، الآن الأمر يحتاج إلى شخصيات تمتلك القدرة على المبادرة، أكثر من قدرتهم على المناورة، وحكومة تكون لديها الصلاحيات لتشكيل لجان تدخل سريع ومجموعات عمل تتعامل مع الشرارات الأولى، ولا تكتفى بدور رجل المطافئ، الذى يأتى متأخرا ليطفئ حريقا، فيواجه بحريق آخر.
أما دور التنظيم السياسى، للحرية والعدالة، فيفترض أن يكون مساندا للرئيس، وأن يتجاوز السياسيون فى السلطة حالة العراك إلى المبادرة والتحرك السياسى وعدم الاكتفاء بصناعة حالة تصريح وجدل. الأمر ليس فى الاحتجاجات وقطع الطرقات، لكن فى انقطاع طرق السياسة.