منذ أيام نشرت صفحة «كلنا خالد سعيد» صورة للدكتور محمد محسوب وزير شؤون مجلسى الشعب والشورى، وعلقت عليها بانبهار واضح ناقلة كلمة أحد أعضائها عن رؤيته لسيادة الوزير وهو يسدد ثمن فاتورة تليفونه بنفسه، معتبرة أن التغيير الذى حدث لمصر جعل الوزراء مثلهم مثل المصريين العاديين يقومون بأشغالهم بأنفسهم، بعدها بيوم نشرت كل الجرائد صورة للسيد وزير التعليم وهو يمر على المدارس فى إحدى المحافظات ليأمر بتغيير العلم المهلهل ليتناسب مع التغيير الواقع الآن، وفى ذات اليوم قام السيد الوزير محمد إبراهيم وزير الآثار بزيارة ميدانية لمسجدى السلطان حسن والرفاعى لتفقد الأوضاع الأمنية والأثرية ويطالب بحماية الآثار، وبين يوم وآخر تطالعنا الصحف بأخبار عن زيارات مفاجئة وجولات تفقدية لأعضاء الحكومة، بداية من رئيسها الدكتور هشام قنديل، وانتهاء بأصغر وزرائها، ولا ينسى هؤلاء الوزراء أن يصطحبوا معهم مكتبهم الإعلامى وأن يلتقطوا الصور التذكارية للجولات التفقدية، وسرعان ما يرسلونها إلى الصحف التى تحتفى بها وتنشرها، ثم.. لا شىء.
لا أعترض بالطبع على قيام هؤلاء الوزراء بجولاتهم التفقدية، كما لا أعترض على أن يقوم الوزراء بحاجاتهم باعتبارهم مواطنين عاديين، ولكنى أستاء بالطبع من هذه «الزفة» التى تنصبها وسائل الإعلام المختلفة لهؤلاء الوزراء لمجرد أنهم لوثوا أقدامهم بتراب الشارع، دون أن نعرف ما هى نتائج هذه الزيارات المفاجئة، وما هى القرارات التى ترتبت عليها، وما الذى أضافته لنا تلك الزيارة، وتوفيراً للوقت والجهد والمواصلات أود أن أقول للسادة الوزراء أجمعين إن الحال من سيئ إلى أسوأ، وأن الناس وصلت إلى مرحلة الاحتقان الشاملة التى إن لم نعالجها سريعا فسنصل إلى مرحلة الانفجار، فماذا أنتم فاعلون؟
الخطير فى الأمر أن وسائل الإعلام تتناقل أخبار هذه الزيارات دون أن تشغل بالها بالتعقيب عليها، فأنا لا يهمنى أن يزور وزير الصحة المستشفيات بقدر ما يهمنى أن أعالج فيها بشكل يحافظ على كرامتى الإنسانية، كما لا يهمنى أن يزور وزير التعليم المدارس بقدر ما يهمنى أن ينهض بالتعليم وألا يضطهد المعلمين المطالبين بحقوقهم، ولا يهمنى أن يزور السيد وزير الآثار المواقع الأثرية بقدر ما يهمنى أن يوقف حالات سرقة الآثار التى أصبحت لا تطاق، ولا يهمنى أن يسدد السيد وزير شؤون مجلسى الشعب والشورى فاتورة تليفونه بنفسه بقدر ما يهمنى أن يزيل الالتباس حول موقفه المتناقض ما بين شغله لمنصب تنفيذى مهم وعضويته فى اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور وما بينهما من تعارض، يهمنى المضمون، ولا يهمنى الشكل، ويهمنى ألا يصبح «التغيير» فى «الصور» فقط ولا يتطرق إلى الأصل، وألا نقنع أنفسنا بأن غاية آمالنا هو أن ننتقل من «الحكومة الذكية» بقيادة أحمد نظيف إلى الحكومة المصورة بقيادة هشام قنديل.
على الجانب الآخر من الصور الاستعراضية التى يتباهى بها السادة الوزراء، هنا صور أخرى غاية فى الألم تتناقلها وسائل الإعلام، تلك الصور تؤكد لنا دون شك أننا نعيش فى مسرحية كابية اسمها «التغيير» ومن أكثر هذه الصورة إيلاما بالنسبة لى هى تلك التى تصور الجهاديين المتطرفين وهم يستولون على إحدى النقاط الحدودية رافعين عليها علم القاعدة، ولك أن تذكر ما كتبته هنا تعليقا على تعيين «السيسى» وزيرا للدفاع فى 14 أغسطس الماضى من أنه «مسؤول مسؤولية مباشرة عن مقتل جنودنا فى رفح وقت كان مديرا للمخابرات العسكرية والاستطلاع» لتعرف أن شيئا لم يتغير وأن «الفشل» هو الذى يحكمنا، وأن المناصب توزع على أهل الثقة، وليس أهل الكفاءة، وكفى بها فضيحة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة