كريم عبد السلام

دولة الفوضى

الأربعاء، 19 سبتمبر 2012 02:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أدعوك إلى أن تتأمل المشاهد التالية بعناية، وأن تستخلص منها المغزى، وأن تحدد طبيعة المشكلة التى نعانى منها حاليا حتى يمكن أن نصل إلى بداية الحل.

أولا – المؤسسة الأكثر انضباطا فى البلد، وأعنى بها القوات المسلحة تتعرض منذ عامين لأشكال من التشويه والتطاول العشوائى أحيانا، والمتعمد أحيانا أخرى بهدف فصم العلاقة القوية والتاريخية بينها وبين الشعب المصرى، فى الوقت الذى كان رجال هذه المؤسسة يحاربون بالفعل على عدة جبهات، من إدارة شؤون البلاد، إلى حماية الحدود، إلى صد ألاعيب كل أجهزة المخابرات التى دخلت بثقلها إلى الأراضى المصرية بعد ثورة 25 يناير، إلى إحباط مخططات تقسيم مصر أو إعادة انتزاع سيناء مرة أخرى، وفى خلال هذه الظروف حافظت القوات المسلحة على ضبط النفس والتماسك، إلا أن الأيام الأخيرة شهدت خروج مجموعات من ضباط الصف ليقطعوا الطريق أمام معسكر الهايكستب للمطالبة بزيادة الرواتب، الأمر الذى يبدو كأن فيروس الفوضى قد انتقل إلى الأطباء فى الميدان، وهو ما يحتاج إلى وقفة حاسمة.

ثانيا - فى الوقت الذى تتصاعد فيه المطالب بدعم جهاز الشرطة جماهيريا، ومساعدته على التعافى للقيام بدوره الحيوى فى فرض القانون، وإرساء الأمن، وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، أغلق ضباط وأفراد قسم ثان الزقازيق مبنى القسم بالجنازير، اعتراضا على قرار نقل المأمور ورئيس المباحث على خلفية سرقة سيارة تأمين رئاسية من أمام منزل الرئيس، وذهبوا للاعتصام، وانضم إليهم عدد من ضباط وأفراد الشرطة بالأقسام الأخرى بالمحافظة، دون أن يصدر قرار فورى من وزير الداخلية بإحالة جميع من شاركوا فى هذا العمل إلى التقاعد فورا على اعتبار أنهم، وهم رجال الشرطة والمكلفون بتطبيق القانون، كسروا مبادئ العمل الشرطى وأهدروا القانون.

ثالثا – جهاز المخابرات العامة المصرية، أعلى جهاز أمنى، والمفترض أن يكون أعضاؤه على درجة عالية من الاحتراف والاستقرار و السرية، لكن عندما يتظاهر العشرات من العاملين بالجهاز أمام المبنى الرئيسى بكوبرى القبة، كاسرين كل القواعد، ومرددين الهتافات بعودة اللواء مراد موافى، الرئيس السابق للجهاز لعمله مرة أخرى، دون أن يصدر إجراء معلن بإعادة الهيكلة، نكون أمام مؤشر غاية فى الخطورة يتعلق بتدمير جهاز المناعة الخاص بهذا البلد.

سألت أحد المثقفين الكبار المعروف عنه تفاؤله الدائم عما يجرى فى البلد فرد علىّ قائلا: نحن نسير فى طريق الندامة، أو بوضوح أكثر إلى الفوضى الشاملة، والغريب أن كثيرين يشعرون بالسعادة وهم يهرولون إلى الانهيار كأنهم يستجيبون لغريزة الانتحار الجماعى!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة