لم نكد فى العالم الإسلامى نفيق من صدمة مشاهد الفيلم المسىء للنبى، صلى الله عليه وسلم، حتى ظهرت علينا مجلة فرنسية متخصصة فى رسوم كاريكاتير الأشخاص برسوم مسيئة جديدة للنبى، صلى الله عليه وسلم، وهو ما فجر الغضب فى العالم الإسلامى من جديد، وتنتمى المجلة لتيار متطرف فى الغرب يكره الإسلام ويعزز لظاهرة الإسلامو فوبيا وهو تيار منتشر فى الغرب على جانبى الأطلسى فى أمريكا وكل دول أوروبا.
هذا التيار المتطرف هو الذى قضى له القضاء الألمانى لعرض الفيلم المسىء للنبى، صلى الله عليه وسلم، فى قاعات عامة بعد أن كانت ألمانيا قد رفضت ذلك ورفضت دخول القس المجرم «تيرى جونز» حارق القرآن الكريم العام الماضى لها.
الغرب يتحدث عن حرية التعبير التى لا يمكن أن تمنع، كما هو الحال فى فرنسا التى تحدثت عن حرية التعبير فى الجمهورية العلمانية منذ نهاية القرن التاسع عشر، والتى لا يمكن أن تمس أو يتعرض لها أحد بما فى ذلك المقدسات، وهنا نجد أن فرنسا العلمانية بلد الأنوار والحرية هى ذاتها التى اعتبرت الجدل بشأن الهولوكست جريمة يعاقب عليها كل من يشكك فيها أو يتعرض للنقاش حول الأعداد التى تعرضت للحرق فى أفران هتلر من اليهود وقد تمت محاكمة المفكر المسلم «روجيه جارودى» بالسجن بسبب تشكيكه فى الهولوكست.
كما أن الدولة العلمانية هى التى اعتبرت أنها لن تتحمل حرية المرأة المسلمة فى أن ترتدى ما يمليه عليه دينها وهو الحجاب أو النقاب كما تعتقد، ومنعت النقاب وفرضت عقوبة على من ترتديه من النساء المسلمات، كما منعت الحجاب فى المؤسسات الرسمية للدولة ولم تقر حرية التعبير للمسلمين فى فرنسا رغم أنهم الأكثر عددا فى أوروبا كلها إذ يزيد تعدادهم عن ستة ملايين مسلم.
نقول إن الغرب قد تغير فهناك نزعات أصولية واسعة وأخرى يمينية منتشرة، وهذه النزعات تعكس روح التعصب والكراهية ضد الأديان والجماعات الأخرى، والظاهرة الأبرز فى ذلك هى «الإسلاموفوبيا» - أى كراهية الإسلام والخوف منه.
والحديث عما أطلق عليه علماء غربيون بأن هناك حدودا جديدة لدار الإسلام فى الغرب، وهم يقصدون انتشار الإسلام والمسلمين داخل القارة الأوروبية وداخل أمريكا ذاتها، حيث يزيد عدد المسلمين هناك عن عشرة ملايين مسلم، أحد ملامح التغير فى الغرب أن الدين أصبح أحد محددات السياسة الخارجية الأمريكية منذ الرئيس الأمريكى ريجان، وهو ما عزز بروز تيار الأصولية الإنجيلية المتحالفة مع الكيان الصهيونى والداعمة له بشكل مطلق.
كما أن تلك التيارات الأصولية هى التى تحالفت مع المحافظين الجدد ومع قوى اليمين المتطرف لشن حروب على العالم الإسلامى تحت عنوان زائف وكاذب وهو «الحرب على الإرهاب»، هناك قوات أمريكية وأطلسية فى أفغانستان تحتلها وقوات أمريكية تضرب فى باكستان واليمن وقوات أمريكية حطمت العراق وقوات أمريكية سعت لإعادة تقسيم العالم الإسلامى.
فى العالم الإسلامى حدث تغير مهم أيضا تمثل فى عودة المسلمين لدينهم وانتصار ممثليهم فى الانتخابات والوصول للحكم، وفى عالمنا الإسلامى المقدس لا يمكن انتهاكه سواء على مستوى المسلمين أو المسيحيين، وهنا لا بد من صيغة جديدة للعلاقة بين الغرب والعالم الإسلامى، وهى صيغة فرض قوانين داخل الغرب تحرم العدوان على مقدسات المسلمين أو ازدراء نبيهم حتى لا تنشب حروب جديدة تحت عناوين دينية وثقافية، وستكون تلك الحروب أشد وطأة وخطرا على العالمين اللذين لا يمكن لهما الاستغناء عن بعضهما أو الانفصال عن بعضهما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة