فى مقال أمس حاولت أن أوجه دعوة مخلصة لأى حاكم لكى يكلف جيوش الباحثين بالبحث عن «مكامن النبوغ» لإنمائها، و«مواطن الوهن» ليعالجها، وذلك فى كل مناحى الحياة فى مصر، سواء كانت هذه المناحى أخلاقية أو اقتصادية أو دينية أو وطنية، وقد كنت أنوى أن أكتفى بهذا المقال لعرض وجهة نظرى فى الأمر، لكن حديث السيد الرئيس محمد مرسى، أكد لى أن حديث النهضة سيطول، ذلك لأنه من العبث أن أطالب الحاكم بتغيير شىء هو ذاته يقع فيه ويستعذبه ويفضله، فها هو مرسى وجماعته يستعذبون ذات العيوب التاريخية فى الحكام المصريين، متحليا بكامل أخلاق الطغاة من تجن على التاريخ، ونسبة ما يفعله غيره لنفسه، تماما كما كان يفعل الفراعنة، حينما كانوا يزيلون أسماء الملوك السابقين وخراطيشهم من فوق المعابد، ويضعون أسماءهم وخراطيشهم بدلا منها عليها تضليل للرأى العام وتزييف للتاريخ.
فى حديث مرسى مع التليفزيون المصرى قال مستعرضا إنجازاته، إن منسوب النيل قد زاد عن المتوقع، كما أن محصول القمح زاد 1.5 مليون طن، بالإضافة إلى أن محصول المانجو زاد، أما الأرز فقد زاد أيضا ووصل إلى 8 ملايين طن، وهذا ما اعتبره السيد الرئيس من إنجازاته، وبنظرة متأنية لهذه الأرقام، نجد أن مرسى يفترى على الله والتاريخ، فهذه الزيادات نتيجة مجهود سنوات قبل أن يحلم مرسى بأن يصبح حاكما على مصر، فمعروف أنه ليس لأحد فضل «إلا الله» فى مسألة زيادة منسوب النيل، فهو الذى يرسل المطر وهو الذى يجرى الأنهار، أما زيادة محصول القمح هذا العام بمقدار 1.1 مليون، وليس مليونا ونصف كما قال مرسى، فهو راجع إلى سياسة وزير التموين السابق «جودة عبد الخالق» الذى يجتهد الإخوان الآن فى تشويهه لخلافهم السياسى معه، وكشفه تهريب النواب الإسلاميين السولار والبنزين، فجودة عبد الخالق هو الذى رفع سعر توريد القمح منذ الموسم قبل الماضى ونتج عن ذلك زيادة مساحات الأراضى المزروعة بحوالى 400 ألف فدان، إلى أن وصل التوريد إلى 3.7 مليون طن خلال العام الجارى مقابل 2.6 مليون طن العام الماضى.
أما عن زيادة إنتاجية الأرز، فالشهادة لله.. إن مصر تشهد انتعاشا فى إنتاجية الأرز من العام 2006 وهذا ما أقرته الأمم المتحدة التى قالت فى تقرير لها منشور على موقعها الرسمى، إن مصر تحقق أرقاما قياسية فى إنتاجية الأرز، وهذا نتيجة جهد أبنائها الباحثين الذى هجنوا أنواعا من الأرز عالية الإنتاجية، فكانت زيادة هذا العام تحصيل حاصل، أما عن زيادة المعروض من المانجو فى الأسواق والذى ترتب عليه رخص سعرها النسبى، فهو ناتج عن قلة الكمية المخصصة للتصدير هذا العام، ولجوء بعض المزارعين إلى تقنيات حديثة فى الزراعة، جعلت عمر شجرة المانجو المثمرة يقل من 8 سنوات إلى 3 سنوات، ما يعنى أن أصغر شجرة مانجو أثمرت هذا العام زرعت قبل تولى مرسى بسنوات.
وليس أضل من تصريحات مرسى، سوى تصريحات رجل أعماله «حسن مالك» عقب زيارتهما للصين، إذ يبدو أن عادة أكل مجهودات الغير عادة إخوانية متأصلة، فقد قال سيادته إن الصين ستأتى باستثمارات توفر 40 ألف فرصة عمل، وتبين أن هذه التصريحات تكاد تكون منقولة من تصريحات وزير الاستثمار السابق فى عهد مبارك الدكتور محمود محيى لجريدة الأهرام عام 2009، إذ قال إن الحكومة أعدت «خطة لجذب 1.5 مليار دولار لإقامة 180 مصنعا، توفر40 ألف فرصة عمل» مع العلم أن الكلام ما بين قوسى التنصيص هو عنوان التصريحات المنشورة لمن يريد التأكد.
رجاء مراجعة مقال أمس