ناجح إبراهيم

لا تحزن يا سيدى يا رسول الله

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012 06:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يا سيدى يا رسول الله، نحن نحبك من كل قلوبنا.. وبعضنا يعمل بمقتضى هذا الحب.. وبعضنا يقصر فيه.. بعضنا يسير وفق هديك.. وبعضنا يعلن الحب كذبا ً بلا عمل.. ودون أن يقدم دليلا عليه.

يا سيدى يا رسول الله نبرأ إلى الله مما أراده بعض أعدائك من العدوان على مقامك الرفيع بين الحين والآخر.. فهؤلاء سفهاء أجمعت الدنيا وأهل الأديان الأخرى على سفاهتهم.. بل إن بعض من يشاركهم الدين والوطن، وصفوهم بالسفاهة والنذالة والإسفاف.

ليس عليك يا سيدى.. فأنت كالجبل الأشم، لا تهزه الريح السادرة فى الغى.. وأنت كالشجرة الأبية الواثقة من نفسها لا يضرها إذا حط عليها غراب مغرور يظن أنه يستطيع هزها. أنت يا سيدى يا رسول الله فى القمة وهم فى القاع.. أنت رائد الخير الذى لم يكذب أهله ولا البشرية أبدا ً.. وهم رواد الشر الكذابون الأفاقون.

يا سيدى يا رسول الله لا تحزن لجرأتهم على الكذب والوقاحة فهذا دأبهم.. وإنما مثلك ومثلهم كما قال الشاعر العظيم:

يا ذا الذى بصروف الدهر عيرنا هل عاند الظلم إلا من له خطر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيف وتستقر بأقصى قاعه الدرر
وكم على الأرض من خضرا ً ويابسة وليس يرجم إلا ماله ثمر

فالدر الغالى مكانه فى قاع البحار ليبحث عنه طالبوه من أهل الصفوة. والشجرة العظيمة تكون دوماً عالية يلقيها الناس بالحجر لترمى إليهم بأعظم الثمار.. فلا تكافئهم بمثل شرهم، ولكنها تعطيهم أطايب ثمرها.

يا سيدى يا رسول الله علمت البشرية كلها وسطية الإسلام وعدله.. فلا إفراط ولا تفريط.. ولا غلو ولا تقصير.. لا تقديس للعقل على حساب النص.. ولا تغييب للعقل تماماً، حتى لو كان فى فهم النص. علمتنا يا سيدى يا رسول الله أنه لا صدام بين الدين والعلم.. فالعلم خادم للدين.. والدين حاث على العلم.. ولا تضارب بين الدنيا والآخرة.. فالدنيا هى مزرعة الآخرة.. والآخرة هى دار الحساب على ما زرعناه فى الدنيا.

يا سيدى يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أنت الذى علمت البشرية كلها أنه لا تعارض بين قوامة الرجل وحق المرأة وكرامتها.. فقوامة الرجل هى تكليف ومسؤولية وقيادة إدارية مجردة.

أما حق المرأة وكرامتها فقد حفظها الإسلام ورعتها الشريعة الغراء.. ولا تضاد بين الاثنين.. فليس هناك مكان على الأرض إلا وله قائد.. وليس معنى القيادة هو الطغيان والجبروت بل الرحمة والشفقة. فكل هذه التناقضات المزعومة يا سيدى يا رسول الله هى من تأليف وإخراج وإنتاج وصياغة بعض العلمانيين الذين يريدون دائماً للعقل، أن يكون مصادماً للنص.. وأن يظل العلم ضد الدين.. ويصورون للجميع أن الدين ضد الحضارة والتقدم والرقى فى الدنيا.. وأن حقوق المرأة مصادمة لقوامة الرجل. لقد كذبوا عليك وعلى الإسلام وعلى الناس يا سيدى يا رسول الله.. فقد جئت بالحنيفية السمحة التى لا اعوجاج فيها ولا التواء.

يا سيدى يا رسول الله لقد علمت البشرية كلها كيف تقيم الوزن بالقسط.. بحيث لا يطغى أحد فى الميزان.. ولا يخسره آخرون فى الوقت نفسه «أَلَّا تَطْغَوْا فِى الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ».. فالطغيان فى الميزان هو الإفراط والغلو المذموم.. وخسران الميزان هو التقصير والتفريط وهو مذموم أيضا. فالإفراط والتفريط وجهان لعملة واحدة يا سيدى.. كلاهما ضار برسالتك.. وكلاهما مضيع لوسطية الإسلام وعدله.

يا سيدى يا رسول الله، إن أعظم ما نهديه لك دوما، أن نعمل بوسطية الإسلام وعدله.. وألا تنجرف يميناً أو يساراً أو شرقاً أو غرباً.. أو التكفير أو الإرجاء.. أو التكفير أو التشيع.. أو نقدم العقل على النص.. أو نلغى العقل حتى فى التفكر فى حكمة النص. إن أعظم ما نهديه لك يا سيدى الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، أن نسير وفق هديك وسنتك.. وأن نقدم للناس فى بلادنا وشخوصنا ذلك النموذج الحضارى الإسلامى الذى تريده منا، وترغبه منا، وفينا، وتحب أن تراه شاخصاً فى بلادنا ومجتمعاتنا. إننى أعرف حزنك وألمك لأن مجتمعات المسلمين لا تمثل حقا ً التعاليم التى جئت بها، وبشرت بأنها ستسود العالم كله.

يا سيدى الكريم (صلى الله عليه وسلم)، لا تحزن ممن أساء إليك.. فأنت الذى أسمعتنا «إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِين».. وأطربتنا بـ«إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ».. ولا تحزن من بعض أتباعك الذين لم يحسنوا نصرتك.. أو خالفوا أمرك، حينما غضبوا من أجلك.. أو اختلطت فى نفوسهم نصرتك مع بعض أغراض الدنيا. أنت يا سيدى الذى علمتنا أن شريعتك عدل كلها.. ورحمة كلها.. ومصلحة كلها.. فمن انتقل من الرحمة إلى ضدها، فليس من شريعتك. ومن انتقل من العدل إلى الجور فليس من شريعتك. ومن انتقل من الحكمة إلى العبث فليس من شريعتك. ومن انتقل من المصلحة إلى المفسدة فليس من شريعتك. ومن انتقل من الإحياء إلى القتل، فليس من شريعتك. ومن انتقل من العمران إلى التخريب فليس من شريعتك.

فأنت يا سيدى رسول الله الرحمة والحكمة والمصلحة والعدل والخير والإحياء والعمران كله.. وختاما يا سيدى يا رسول الله، لا أملك إلا حبى لك، ولأصحابك الأطهار كى أهديه لكم..

فبضاعتى من العمل قليلة.. يا سيدى جئتك ببضاعة مزجاة، وأنت الرحيم العطوف.. مستلهماً هديك.. راجياً أن أكون على طريقك المستقيم، رغم ضعفى وقلة حيلتى.. راغباً فى شفاعتك يوم القيامة.. وآملا فى صحبتك فى الجنة.. فهل تأذن لى بذلك؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة