مجهود ضخم بذله الشاعر والناشر هشام قشطة للاقتراب من الثورة التونسية وزخمها وتوابعها وحراكها المجتمعى الحاضر وفنانيها وشعرائها ومنظريها ومايثيرونه من جدل، يتقدم يوماً بعد يوم ليرسم مستقبلاً عربياً جديداً.
مجهود خضم فعلاً، تجلى فى العدد الثالث من مجلة «الكتابة الأخرى» والخاص باستعراض ومتابعة محطات الثورة التونسية، قد تعجز عن التصدى له مؤسسات قائمة، ومراكز دراسات تكتفى بالاستسهال ومعالجة القشور والمظاهر السطحية للأحداث الكبرى، وهو ما لم ينجرف إليه هشام قشطة، وفضل الذهاب إلى تونس ليقضى قرابة الشهور الثلاثة، يتتبع ويستقصى ويستكتب كل أطراف وأطياف ثورة الياسمين، ليضع فى النهاية بين أيدينا عملاً فنياً ونقدياً وتسجيلياً، يسد فراغاً كبيراً فى المكتبة العربية.
تصدى قشطة وفريق إعداد العدد الخاص بالثورة التونسية لعدة محاور للإمساك بزخم الثورة وجدلها الحى المتصاعد، أولها رؤى الثوار حول منطلقات الثورة وتطورها ومستقبلها، وثانيها التفاصيل الحية الخاصة بأيام الثورة، منذ أن اشتعل فتيلها بجسد الشهيد محمد البوعزيزى، وحتى اعتراف زين العابدين بن على «الآن فهمتكم» ثم هروبه المشين إلى السعودية.
وثالثها.. متابعة الجدل الحى حول مرحلة ما بعد بن على والصراع على السلطة بين التيارات المنظمة ذات التوجه الدينى، وبين قوى الثورة الحقيقية.
ورابعها.. استعراض المشهد الإبداعى فى تونس، شعراً ونصوصاً وفناً تشكيلياً، لتقديم الوجه الإبداعى التونسى إلى القارئ العربى، أيضاً استعراض أشكال التعبير الثورية التى اتخذت من الكلمة واللون والشعار والصورة الفوتوغرافية أداة للتحفيز، والحشد فى مواجهة السلطة الفاشية.
أما المحور الخامس.. الذى حرص «قشطة» على الاقتراب جدياً منه، فكان محور «مرايا» الذى يستعرض السينما والمسرح فى تونس، عبر محاورة أبرز المخرجين التوانسة، ليقدموا شهاداتهم على اللحظة الفاصلة التى تمثلها ثورة الياسمين، وعلى الواقع التونسى الجديد بعد الثورة، أو كما يقول هشام قشطة فى مقدمة العدد، نقترب من بلد حقق مناضلوه ومناضلاته نجاحات عديدة نحو تحرير المرأة، وعمل كيانات نقابية قوية، ونظام تعليمى حديث، وهى العوامل التى يعول عليها فى إتمام شروط الثورة التى تحتاج إلى جهاد كبير، حتى تمكن الإنسان التونسى والعربى من نفض غبار القمع العقلى الذى جثم على نفوسنا قروناً طويلة.
نعم أيها الحالم، «إن ما تحقق ما هو إلا خطوة أولى فى طريق طويل غايته الثورة».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة