فى الفلاحين حيث ولدت وتربيت، وحيث أعود لأحصل على الأمان كلما تزيد المطبات فى السبل، لا يحترمون الرجل فاقد السيطرة على أركان بيته ومنزله، يرونه مجرد «خيال مآتة» لا تخشاه سوى العصافير، وصدى باهت لراديو «ترانزوستور» لا يصنع سوى الضجة الممزوجة بالوش، ويمنحونه لقب الراجل البركة.
هذا ما يحدث فى قرى الفلاحين الصغيرة، ويمكنك أن تطبقه ببساطة على حالة الدول الكبرى التى تثبت الوقائع والأحداث اليومية أن زعيمها أو رئيسها ينام ليله ويصحو ليخطب فى الناس، ويصدعهم بالحديث عن السيادة والكرامة والنهضة، وهو لا يعرف طبيعة ونوع الكائنات التى تعيش فى مساحة تعادل ربع مساحة الوطن بأكلمه..
وفى مصر يمكنك أن تختار من القواميس ما شئت من وصفات وكلمات دالة على «الخيبة» القوية، حينما تتحدث عن الحالة المصرية التى صاغها رئيس يهوى الخطابة فى المساجد، ويكبد الدولة ملايين الجنيهات لحراسته فى صلاة الجمعة، رغم أنه وقف ذات مرة فى ميدان التحرير مثل الأسد الجسور يعايرنا ويفاخرنا بأنه لا يرتدى قميصا واقيا ضد الرصاص، ولا يحتاج للحراسة. هذه الحالة التى خلقها الرئس محمد مرسى المتفاخر بمحصول المانجو بينما هو غير قادر حتى هذه اللحظة على معرفة ما يدور فى أرض سيناء.
أليست خيبة قوية يا عزيزى أن يتحدث الرئيس عن المانجو، ويتكلم عن الندية فى التعامل مع أمريكا، بينما هو حتى هذه اللحظة غير قادر على القصاص لأكثر من 16 شهيدا ماتوا على رأض سيناء، ووعد هو - ودون أن يطلب منه أحد - أن يقتص لهم من القتلة فى أقل من 24 ساعة، ولم يفعل؟، أليست كارثة أخلاقية وسياسية أن يهتم الرئيس بالحديث عن المانجو، وإطلاق الوعود الخاصة بالتنمية، بينما يتهرب من الحديث عن الوضع فى سيناء، وعن العمليات العسكرية التى أعلن هو بنفسه فى ليلة القدر - ودون أن يطلب منه أحد – أنه سيشرف بذاته على عمليات التطهير؟، أليست كارثة ذكورية، وبشكل أبسط «رجولية»، أن يفقد بلد بحجم مصر سيطرته على جزء غال ومهم مثل سيناء؟، أليس أمرا مخزيا ومخجلا ومؤسفا ويدعو لطأطأة الرؤوس أن تنجح إسرائيل فى قتل كل من يخترق حدودها فى ثوان كما حدث مع المدرعة والمتطرفين الثلاثة الذين قتلوا المجند اليهودى بينما مصر عاجزة عن معرفة إيه اللى بيحصل فى سيناء؟، هل يتخيل الرئيس مرسى أن الشعب المصرى مازال يحمل عش العصافير فوق «قفاه» لكى ينبهر بتصريحات الرئيس الغاضبة ضد أمريكا، ويتخيل أنها تصريحات مستندة إلى قوة، بينما الرئيس أضعف من أن يتخذ قرارا بشأن الانفلات الأمنى الحادث فى سيناء؟
وسائل الإعلام الأجنبية بدأت تتحرك لدفع سيناء إلى حيث المنطقة التى توجد بها توصيفات كثيرة، مثل بؤرة غير آمنة، وبؤرة إرهابية، ومنطقة شديدة الخطورة، والرئيس يجلس فى وضع الانتظار، ويعاملنا مثل أطفال الروضة بإطلاق تصريحات وردية عن المستقبل المشرق، والنهضة القادمة، دون أن يخبرنا كيف تنجح دولة ضعيفة لا تملك السيطرة على جزء مهم من أرضها فى التقدم والنهضة.
إيه اللى بيحصل فى سيناء يا سيادة الرئيس؟، وفين قتلة الشهداء؟.. فى بساطة أكثر من كده.. عاوزين نعرف الحقيقة، هل تحولنا إلى دولة «بركة» تدور سيناء فى ظلنا على حل شعرها، ويتخاطفها المتطرفون وعناصر الموساد والأيادى الخارجية؟، هل أصبحت سلطتنا التنفيذية كخيال المآتة، قوتها تتوقف عند حد «هش» العصافير؟.. جاوب بدون خطب رنانة وشعارات صارخة، لأن أرشيف صحفنا يمتلئ بالعديد منها على لسان مبارك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة