كما لو أنه يبيت تحت الفيس بوك، منتظرا أن يتنفس «مرسى» ليمجد فى تنفسه، ويتفنن فى وصف عبقريته بتصريحات تناسب عاشقا ولهانا، ومفتونا هيمانا ولا تتناسب مطلقا مع شخصية دبلوماسية كبيرة بحجم «رجب طيب أردوغان» رئيس وزراء تركيا الأشهر وبانى نهضتها الحديثة، ففى كل خطوة يخطوها مرسى تجد مئات الصفحات الإخوانية تنقل تصريحات تدعى إنها منقولة من صفحة «أردوغان» على الفيس بوك وكلها بالطبع تمجد فى مرسى، وبسرعة البرق تتناقل صفحات الفيس بوك والمواقع الإخوانية هذه التصريحات مصحوبة بالتكبير والتهليل والإعجاب والإكبار، لينقلها عنهم الآلاف دون تحقيق أو تدقيق، ليتم الترويج لمرسى وجماعته بهذه التصريحات التى لا يعرف أحد مصدرها.
لا أحد يملك الإجابة عن هذا السؤال سوى الأتراك أنفسهم، وأنا وإن كنت لا أريد أن أجزم بأن هذه التصريحات مفبركة، فإنى فى ذات الوقت لا أستطيع تصديقها، وفى هذا الصدد أناشد السفارة التركية فى القاهرة بأن تزيل اللبس عن هذه التصريحات المثيرة للجدل، والتى لم أستطع أن أصل إلى مصدرها فى غير المواقع الإخوانية، فقد اندهشت من سرعة انتشار تصريحات منسوبة لأردوغان على الفيس بوك عقب كلمة «مرسى» فى طهران، يقول نصها «إن مصر مارد لن يقف أمامه أحد بعد الآن! وإن «الرئيس محمد مرسى هو أول رئيس مسلم عربى مصرى يصدم النظام الإيرانى فى عقر دارهم منذ انتهاء دولة الخلافة العثمانية، بهذا الشكل المذهل» وحينما سألت الكثير من الأصدقاء عن مصدر هذه التصريحات لم يدلنى أحد إلى شىء يذكر وقالوا «كلهم» وجدناها على الفيس بوك فقمنا بمشاركتها، وحينما بحثت عنها فى الوكالات والمواقع المعروفة لم أجدها، فقط عثرت عليها فى موقع «رصد» التابع لشبكة رصد الإخوانية، وسبب اندهاشى من هذا التصريح، هو أن أردوغان فيه يعلى من قيمة مرسى على حسابه، ويهاجم إيران بلا داع، ما قد يسبب مشكلة لبلده مع «إيران» دون سبب سوى مغازلة مرسى، وهذا ما لا يقبله عقل.
تلك التصريحات المربكة ذكرتنى بواقعتين تشبهان واقعة «رصد» فبعد خطاب مرسى بميدان التحرير قرأت مثلما قرأ آلاف غيرى على الفيس بوك تصريحا منسوبا لأردوغان، يشيد فيه بخطاب مرسى فى التحرير، فلم يسترع انتباهى هذا التصريح لأنه لم يحمل «الكثير» من المبالغة، وقلت إنه ربما يكون قد أدلى به فعلا، لأن السياق كان سياقا دبلوماسيا احتفاليا، ومن الممكن أن يبادر أردوغان الذى يسارع فى طلب ود مصر إلى تهنئة شعب مصر رئيسها الجديد، لكن ما أثار انتباهى حقا هو التصريح الذى نسبه الإخوان إلى أردوغان تعليقا على قرار مرسى باستبعاد المشير طنطاوى، إذ قال نص التصريح «إن مرسى فعل فى أيام ما استغرق منى سنوات لأفعله» وحينما بحثت عن أصل هذا الخبر لم أجده فى أى من الجرائد المحترمة، ووجدت تصريحا مشابها له منشور فى موقع مصرواى، يقول إن مرسى قام بضربة واحدة بعمل ما استغرق من أردوغان خمس سنوات، لكن المفاجأة كانت تكمن فى أن هذا التصريح منسوب لـ«روى كياس محلل صحيفة»، «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية وليس لأردوغان.
المطلوب هنا أن نعرف الحقيقة، فهل يقول أردوغان فعلا هذه التصريحات على صفحته على الفيس بوك؟ أم أن الإخوان يفبركونها من أجل تضخيم جماعتهم؟ وهل هذا الحساب الذى ينقل عنه الإخوان منسوب إلى «أردوغان» فعلا، أم أنه كذبة مشهورة تتضخم مع مرور الوقت لتسبب أزمة دبلوماسية بين مصر وتركيا فى القريب؟ فى انتظار رد السفارة التركية.