لا اعتراض على قيام رئيس الدولة بالسفر إلى الخارج وتبادل الزيارات مع زعماء الدول وفتح آفاق جديدة فى العلاقات الدولية وجذب الاستثمارات لدعم الاقتصاد وتشغيل أيد عاملة وبناء علاقات دبلوماسية جديدة وإعادة رسم السياسة الخارجية للدولة، بناء على استراتيجية واضحة ومحددة.
سفريات الرئيس خارج حدود الدولة ينبغى وفقا للتقاليد الدبلوماسية أن تكون للضرورة وتحقق العائد الحقيقى منها بالنفع على الدولة، وليس على الرئيس، وإلا استحق أن يطلق عليه لقب «الرئيس الطائر» الذى تستهويه الشوارع النظيفة والهواء النقى والوجه الحسن، والإقامة فى الأجنحة الفخمة بالفنادق الأوروبية والأمريكية أو حتى العربية بعيدا عن مشاكل وهموم بلده وزحامه وضجيجه واعتصاماته وإضراباته وكآبة ناسه وشوراعه المزدحمة وهوائه الملوث، فالسفر للخارج بالطبع فوائده كثيرة وممتعة للرئيس وصحبه ويتحول فى بعض الأحيان إلى إدمان سواء للضرورة أو لغير الضرورة للاستجمام والفسحة وزيارة الأصدقاء.
لكن متى يستدعى الأمر عدم سفر الرئيس والبقاء فى وطنه؟.. السؤال قد لا يحتاج إلى إجابة، وإنما إلى إدراك وإحساس بالمخاطر والتحديات والمشاكل داخل الوطن، وبالتالى يلغى الرئيس أى سفرية من باب «اللى يعوزه البيت يحرم على الجامع»، فعندما تعصف بالوطن مشكلة طائفية فى سيناء وعملية عسكرية مازالت نتائجها غير معروفة ويقودها الرئيس بنفسه - كما أعلن - وإضرابات واعتصامات فى كل اتجاه فى الجامعات والشركات والمصانع، يتطلب ذلك إلغاء السفر حتى لو كان ضروريا ويصبح السفر داخل الوطن هو الأهم والأكثر ضرورة.
الرئيس مرسى سافر للخارج فى أقل من 3 شهور، حوالى 7 سفريات أو رحلات يختتمها بالزيارة لتركيا اليوم، والتى قالت عنها مصادر مقربة من الرئيس «أنها مختصرة وغير رسمية» لحضور مؤتمر حزب العدالة والتنمية التركى، فى الوقت الذى لم يغبر قدمه بتراب أى محافظة أو مدينة أو قرية ونجع فى مصر للتواصل مع الناس ومعرفة ما يعانون منه عن قرب، وهنا سيخرج علينا من يدافع عن سفريات الرئيس للخارج ويقول «ما هو كله عشان البلد واقتصاد البلد»، والرد على ذلك بأن الرئيس المخلوع مبارك كان يردد نفس الكلام ويعتبر سفرياته التى اخترقت حاجز الـ500 زيارة لعواصم العالم «عشانكم وعشان مصر وعيون مصر»، وسجل رقما قياسيا فى السفر للخارج يصعب على أى رئيس دولة أخرى تجاوزه.
ليس هنا بصدد المقارنة، ولكن نخشى أن يكون الرئيس مرسى فى طريقه للحصول على لقب «الرئيس الطائر».