وائل السمرى

التطوع بالتأخون

الثلاثاء، 04 سبتمبر 2012 05:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ببراعة واختزال توجز هذه الأمثال بعض الخصال السيئة والحسنة فى جمل مختصرة، فمثلا يقول المثل الشعبى «لو شفت بلد بتعبد العجل.. حش وارميله» ويقول القول المأثور «الناس على دين ملوكهم» وبينما يرصد المثل الأول حالة التكريس للنفاق والأمر به حتى لو خالف عقيدة أو أجبر المنافق على التظاهر بما ليس فيه، ترصد المقولة الشهيرة ما قد يفعله سيف المعز وذهبه فى قلوب المائلين، ولو أن هناك قوة عاقلة فى هذا المجتمع لخصص المهتمون بالمجتمع المصرى وتقويمه فريقا بحثيا لجمع هذه الأمثال والحكم ودراستها لمعرفة الصفات التاريخية التى يتميز بها الشعب المصرى، فإن وجدوا شيئا حسنا دعموه وكرسوا مجهودات الدولة لتنميته، وإن وجدوا شيئا سيئا أعدوا له العدة لمحاربته وتبديله، إن كنا فعلا نريد أن نبنى هذا البلد أخلاقيا واجتماعيا وسياسيا.. إن أقرب الحالات التى تؤكد أن تلك الأمثال والحكم مازالت تتمتع بنفوذها لدى نفوس البعض، ما نشاهده اليوم من حالات «التطوع بالتأخون» لدى الكثيرين ممن يتبوأون بعض مراكز صنع القرار، فما أن تولى الرئيس محمد مرسى الحكم حتى غير البعض اعتقاداته السياسية ومضى يسبح بحمد الرئيس وجماعته، يحارب من يحاربونه، ويناصر من يناصرونه، فهذا العامرى فاروق وزير الرياضة الذى كان من أشهر مناصرى الحزب الوطنى ومؤيديه صار اليوم أبرز من يحملون سيف الإخوان بحكم منصبه الحساس، فلما أراد حمدين صباحى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية أن يقيم مؤتمر التيار الشعبى فى الاستاد تحفظ سيادته ورفع الأمر لرئيس الوزراء، الذى تحفظ هو الآخر وأحاله لوزير الداخلية الذى رفض الطلب متحججا بالظروف الأمنية!!

وقبل أن أعلق على هذه الواقعة أريد أن أشير إلى أننى بوجه عام ضد استخدام مؤسسات الدولة فى الأمور السياسية، ولو كنت مكان صباحى لما طلبت أن أقيم المؤتمر فى الاستاد، فالـدولة أنشأت الاستاد من أجل المباريات الرياضية وليس من أجل المباريات السياسية، وإن حدث ووافقت وزارة الشباب على طلب حمدين لكان بذلك قد ارتكب مخالفة تستوجب العقاب، لكن ما لا أجد له تفسيرا هو أن جماعة الإخوان المسلمين كانت تستخدم استاد المنصورة فى مؤتمراتها وكانت تتباهى بإقامتها تلك المؤتمرات التى كان يواظب على حضورها آلاف من أنصار الجماعة فى محافظات الدلتا من أقصاها إلى أقصاها، ما يدل على أن القوانين واللوائح المنظمة لعمل هذه المنشآت تسمح بذلك، فكيف نفسر إذن هذه الواقعة، أم أنه حلال على الإخوان حرام على التيار الشعبى؟

يجب أيضا أن أشير هنا إلى أنه ربما لم يأمر مرسى أو أى ممن يقومون بدوره فى الجماعة بحرمان خصومهم السياسيين من التمتع بمنشآت الدولة، وربما يكون هذا المنع من إبداع خيال السيد وزير الداخلية والسيد وزير الرياضة، لينالوا به حظوة عند الرئيس باعتباره ولى نعمتهم، وهذا ما لا يمكن قبوله الآن، مثلما لا يمكن قبول أن يسخر رؤساء تحرير الصحف القومية صحفهم وأقلامهم من أجل تمجيد الرئيس وجماعته، كما لا يمكن أن تخوض وزارة الداخلية معركة مع ضاحى خلفان قائد شرطة دبى لانتقاده لجماعة الإخوان المسلمين، فالخارجية والرياضة والصحف الحكومية مؤسسات مملوكة للشعب لا لجماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة أو غيره من الأحزاب، وواجبنا الآن فى ظل دولة من المفترض أن تؤمن بتداول السلطات أن نجاهد من أجل استقلالية مؤسسات الدولة، فما لمصر لمصر، وما للأحزاب للأحزاب، فما هلكت مصر سابقا إلا بسبب زواجها من الحاكم، الذى يدين المسؤولون بدينه، و«يحشوا ويرموله».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة