الاعتراض لا يجب أن يكون على اختيار أشخاص مكان آخرين. وإنما على إبقاء قواعد النظام السابق، التى أدت من قبل للفساد. ولا يمكن توقع نتائج مختلفة، مع تكرار نفس الفعل، أو الحديث عن تغيير نظام مبارك بينما نتعامل بنفس آلياته ونفكر بنفس طريقته.
نقول هذا بمناسبة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للصحافة. ونجد أنفسنا أمام جدل مكرر، هناك من يعترض على بعض الأسماء المرشحة لهذا المجلس أو ذاك، ومن يسأل لماذا يتم استبعاد فلان ولماذا يوضع علان. والقضية ليست فى اختيار شخص واستبعاد آخر، لكن فى استمرار طريقة اتخاذ القرار السابقة، التى كانت أحد نقاط الاعتراض، لأنها تجعل القرار بناء على هوى شخصى أو حزبى أو سياسى، مع التمسك بنفس القواعد والآليات التى كانت محل اعتراض فى عهد مبارك. مثل كل المجالس العليا والقومية والموازية.
كان الهدف أن يتم تغيير الطريقة، بما يمنح هذه المجالس حريتها، وقدرتها على أن تكون فاعلة بعيدا عن السلطة. لكن أن يستمر مجلس حقوق الإنسان والأعلى للصحافة تابعين لمجلس الشورى، فهذا يعنى استمرار النظام السابق بكل مشتملاته، والاكتفاء بتغيير وجوه، وعمل إحلال وتبديل. الأمر الذى يصب فى النهاية فى طريق نفس النظام السابق بتغيير الديكورات، ويؤكد المخاوف من أن يتوقف التغيير على السطح، وكأن العيب كان فى شخص مبارك ورجاله، وليس فى طريقتهم فى التفكير واتخاذ القرار.
لقد كانت أبرز سبل أو مناطق الفساد والتواطؤ فى عهد مبارك المجالس واللجان والتشكيلات المفصلية للدولة. كان إنشاء هذه المجالس يتم بمعرفة النظام لإثبات حسن النوايا أمام العالم، مع الإبقاء على المؤسسات تحت السيطرة. فتبدو فى الشكل كأنها منظمات مستقلة، وفى المضمون تعمل بالريموت كنترول.
كانت عضوية اللجان والمجالس، تتم بخلطة تجمع بين أشخاص لا غبار عليهم، مع آخرين من الحزب الوطنى أو التابعين يضمنون السيطرة وعدم الخروج على النص. وهى نفس الطريقة المتبعة الآن.
المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى نشأ فى كنف نظام مبارك استجابة لدعاوى دولية وهروبا من اتهامات بقمع الحريات تم إنشاء المجلس تابعا لمجلس الشورى وتشكيله بمعرفة النظام. أيضا ظل المجلس الأعلى للصحافة تابعا لمجلس الشورى، يختار رؤساء تحرير الصحف ويحرص فى تشكيله على ضمان النسبة الغالبة من السلطة. رفض مبارك كافة المطالب بإبعاد مجلس الصحافة عن السلطة، وظلت طريقة اختيار رؤساء مجالس إدارات الصحف العامة وتحريرها فى يد المجلس. وهو أمر لم يختلف حاليا وعليه نفس الاعتراضات.
كانت تلك المجالس دائما أدوات تكيف للمعارضين أو أدوات سيطرة من خلال اختيار أشخاص قادرين على تقديم خطاب مزدوج يجمع بين المعارضة والتأييد والتبرير، وهو نفس ما يجرى الآن.
التغيير هو تغيير الطريقة التى كانت تقود للفساد، وليس الاكتفاء بتغيير أشخاص، والإبقاء على الأدوات والوسائل والسياسات. التى إن استمرت يتوقع تكرار النتائج.