يقول «واحد من الجماعة» الذى تحدث عن فشل اليسار، وليته يتعلم أن مقياس «الفشل» و«النجاح» هو تحقيق أو عدم تحقيق «الهدف»، فهدف الجماعة كان الوصول للحكم بالتحالف مع الطغاة وإذا فشل تحالفهم مع الطغاة فاللجوء للعنف والاغتيالات هما الوسيلة المثلى للوصول إلى الحكم سواء باستخدام الشعارات الدينية المؤولة لخداع الشعب أو باستخدام السكر والأرز والزيت، كان «هدف» الجماعة هو الوصول للحكم وهو ما نجحت فيه، وكان «هدف» اليسار المصرى هو «التنوير» حتى تنضج الظروف التى تسمح بقيام ثورة تطيح بالطبقة الحاكمة، فإذا كان هذا الواحد من الجماعة يقصد بـ«فشل» اليسار فى الوصول للحكم فهو صحيح، أما إذا كان الهدف هو «التنوير» حتى تنضج الظروف الاجتماعية بقيام ثورة شعبية فهو ما تحقق بالفعل، لذلك فقد كان سلاح اليسار الوحيد هو «القلم» الذى يكتب المنشورات التحريضية والأفكار التنويرية من أدب وفكر وفلسفة وفن، فيما كان سلاح الجماعة هو «مطواة قرن الغزال» و«طلقات الرصاص»، لذلك كان كل كتاب المسرح من اليسار من «نعمان عاشور» إلى «محمود دياب» مرورا بـ«سعد الدين وهبة» و«ميخائيل رومان»، وكان الفلاسفة من «فؤاد زكريا» إلى «زكريا إبراهيم»، مرورا بـ«جمال حمدان» و«عبدالوهاب المسيرى» وكتاب الرواية الكبار من «يوسف إدريس» إلى «إبراهيم أصلان» مرورا بـ«محمد البساطى» و«جميل عطية إبراهيم» و«بهاء طاهر» و«مجيد طوبيا» و«صنع الله إبراهيم» و«جمال الغيطانى» و«يحيى الطاهر عبدالله» وغيرهم كثيرون، والشعراء العظام من «صلاح عبدالصبور» إلى «أمل دنقل» مرورا بـ«أحمد عبدالمعطى حجازى» و«محمد عفيفى مطر» و«عبدالرحمن الأبنودى» و«أحمد فؤاد نجم» و«سيد حجاب» وغيرهم، وغيرهم، فهل تستطيع جماعتك أن تقدم لنا اسم كاتب مسرح واحد أو شاعر واحد أو فيلسوف واحد أو مفكر واحد، أم أن جماعتك لا تملك إلا أن تكفر كل الشعراء وكل كتاب المسرح والرواية والفلسفة والفكر؟
ولقد تعلمنا من فكر كبار مفكرى اليسار أن نعدل المقولات الخبيثة التى تقف على رأسها لنوقفها على قدميها، فجماعته «نجحت» بسبب النفوذ الأجنبى والاستعمار الإنجليزى الذى أنشأها لمواجهة فكرة القومية العربية وبمنحة من شركة قناة السويس المملوكة فى تلك الفترة للإنجليز الذين كانوا يحتلون مصر فى هذه المرحلة، و«نجحت» جماعته بالتمويل الخارجى تحت راية التنظيم الدولى، فاستغلت الجماعة التى ينتسب إليها الجهل والفقر والمرض لتزييف الشعارات الدينية للتقرب للشعب المطحون، وهذه أبرز أسباب «نجاح» الجماعة، وأذكرك بالمحامى اليسارى «أحمد نبيل الهلالى» الذى بذل من عمره - وبدون أجر أو تمويل خارجى - السنوات فى الدفاع عن حرية كل المناضلين والسياسيين وأصحاب الرأى ومنهم التيار الإسلامى وقد بكى الأستاذ «اليسارى» أحمد نبيل الهلالى محامى المتهمين من تنظيم الجهاد بعد «مرافعة القرن»، بكى فى هذه الجلسة بتاريخ 15 /5/1993 م عندما قام المتهم فى تلك القضية «محمد النجار» بإنشاد قصيدة من تأليفه فوقف يغنى «غرباء ولغير الله لا نحنى الجباه/غرباء وارتضيناها شعارا فى الحياة»، نحن أبناء وخلفاء ميشيل كامل وإسماعيل صبرى عبدالله وفؤاد مرسى وعبدالرحمن الخميسى وأحمد بهاء الدين وسعد زهران ومحمود أمين العالم وشهدى عطية وعبدالله الزغبى وزكى مراد، وأنت «واحد من الجماعة» خليفة «صالح عشماوى» و«عبدالرحمن على فراج السندى» و«حسين كمال الدين» و«حامد شريت» و«عبدالعزيز أحمد» و«محمود عبدالحليم»، وكل أعضاء الجهاز السرى، يمكننى أن أعدد لك عشرات ومئات وآلاف من قادة ومفكرى اليسار الذين بذلوا حياتهم لتنوير الشعب المصرى حتى قام بثورته التى تحاولون سرقتها، ولن تستطيع أنت أن تطرح علينا اسما واحدا فى مقابل كل مائة اسم، هؤلاء وغيرهم كانوا ومازالوا ينيرون الطريق لشباب الأمة بأفكارهم وليس بالتخفى بالبنادق الآلية لاغتيال الفكر والوجدان والبشر، أتحدث الآن عمن كان منهم فى مثل سنك، فعندما كنت أنت تتمرن تحت الأرض على الكاراتيه كانوا هم يقودون حركة الفكر والأدب تحت قمع الطغاة، أتحدث عن الإبراهيمين: فتحى ومنصور، فإبراهيم منصور قاد حركة أدباء الستينيات وأسس مجلة «جاليرى 68» التى جاءت كتعبير عن مرحلة جديدة، توجهت المجلة نحو التجديد فى الفن كضرورة وتحد كبير، فكان إبراهيم منصور هو من مهد الطريق ودفع كل أدباء وكتاب ومفكرى جيل الستينيات إلى أن يعلنوا الغضب ويجهروا بكل الممنوعات والمحرمات فكانت «جاليرى 68» لكسر الحلقة الحديدية التى كانت تلف على أعناق وحناجر الكتاب والفنانين والمثقفين، وكل الشباب، فعمل «إبراهيم منصور» على أن يقام معرض جماعى للفنانين التشكيليين الطليعيين، وسعى نحو تخصيص بعض العائد من بيع اللوحات فى هذا المعرض لإنشاء مشروع ثقافى كبير، فجاءت مجلة «جاليرى 68» بعد التحريض الذى قام به «إبراهيم منصور»، وأتحدث عن «إبراهيم فتحى» الذى فصل من كلية الطب وقضى نصف عمره فى سجون الطغاة وعلم نفسه الكتابة بالإنجليزية والفرنسية والألمانية، هذا المفكر الموسوعى الضخم الذى قاد مجموعة من الأدباء والشعراء والنقاد ليؤسس «جمعية كتاب الغد» فانتخبوه رئيسا لمجلس الإدارة وكان الدكتور عبدالمنعم تليمة النائب، وكان مجلس الإدارة مكونا من «خليل كلفت» و«زين العابدين فؤاد» و«عزت عامر» وكان للجمعية تأثيرها الباهر على معظم كتاب هذا الجيل حتى من الذين لم ينتموا إليها لم يكن أحد من هؤلاء من لصوص الثورات وعاقدى الصفقات مع «عمر سليمان»، وقامعى حرية الرأى وأصحاب الاتفاقات السرية مع الإدارة الأمريكية، وأبناء الخروج الآمن لقتلة الثوار، لم يكن منهم من بارك قمع الطغاة لشباب الثورة على الفضائيات فى نفس اللحظة التى يهاجم فيها أشاوس الأمن ميدان التحرير ويقمعون الثوار فى أول أيام رمضان «أول أغسطس عام 2011» ويدخلون جامع عمر مكرم بالأحذية، «فآية المنافق ثلاث»، أيها الواحد من الجماعة، تحالف مع من تتحالف وهاجم اليسار كما تريد ، لكن تأكد أن دولتك زوالها قريب وقريب جداً.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة