كنت من أوائل الداعين للشفافية فى تناول حقوق المواطنين المصريين الأقباط، وذلك حينما شرفت بأن أكون منسق مؤتمر «الملل والنحل والأعراق» لهموم الأقليات فى الوطن العربى، ذلك المؤتمر الذى نظمه مركز ابن خلدون للتنمية 1994، وقتها خرج علينا ممثلو النخب القبطية رافضين وصف الأقباط بالأقلية، مؤكدين أنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطنى، ولعل المؤتمر كان الرافعة الرئيسية التى وضعت هموم وقضايا الأقباط على جدول أعمال الحركة الوطنية المصرية، ومنذ ذلك التاريخ ووفق توصيات المؤتمر تأسست مؤسسات مجتمع مدنى متخصصة فى شؤون الأقباط، وعرف إعلام تخصص شؤون الأقباط، ووضع ذلك الملف على طاولة الباحثين المصريين، وتم استخدام آليات المجتمع المدنى فى حل قضايا الأقباط.
فى الآونة الأخيرة برزت على السطح بضع مبادرات «قبطية شبابية» أخذت منحى طائفى إما بحسن نية أو رغبة فى التمويل والاسترزاق بحيث صارت المسيحية مهنة أكثر منها ديانة، وظهرت تخصصات لهذه المهنة المبنية على أساس دينى وطائفى مثل «باحث قبطى- ناشط قبطى - محامى قبطى - مفكر قبطى – محامى الكنيسة» وبجانب المسميات تكاثرت المنظمات القبطية «الطائفية» ووصل الأمر لتجميع هذه المنظمات فيما يسمى «المجلس الاستشارى القبطى»، ومع احترامى الكامل لكل مكونات وأشخاص هذا الإطار، فهو طائفى وخارج على تقاليد الجماعة الوطنية، بمعنى أن شؤون الأقباط ليست شأنا قبطيا خاصا، بقدر ما هى شأن وطنى يناقشه ويسهم فى حله كل أبناء الجماعة الوطنية، وهناك من هم دفعوا حياتهم من أجل ذلك مثل الشهيد فرج فودة، وآخرون دفعوا سنوات من عمرهم خلف الأسوار مثل د. سعد الدين ابراهيم، ومئات من المفكرين والكتاب تحملوا الكثير من أجل دفاعهم عن الأقباط مثل: د. رفعت السعيد، د. محمد أبوالغار، د.منير مجاهد، الكاتبة فريدة النقاش، أمير سالم المحامى وغيرهم.. فلماذا ينشأ المجلس الاستشارى ولا يضم أمثال هؤلاء؟
كلنا نذكر درس التاريخ، فالمؤتمر القبطى 1910 لم يحل مشاكل الأقباط، ولا المؤتمر الإسلامى حل مشاكل المسلمين، بل كلاهما أدى لتعميق الطائفية، لكن حينما توحد الطرفان فى ثورة 1919 ابتكر الشعار الخالد «الدين لله والوطن للجميع» وحلت مشاكل الوطن بجميع مكوناته، من هذا المنطلق ليس أمام السادة أعضائه سوى إما حل هذا المجلس الطائفى أو أن يضموا له كل أطياف، ومكونات الجماعة الوطنية من مسلمين وأقباط، لأن المتربصين على الأبواب والربيع العربى أحد أدواته تقسيم سوريا وليبيا ومصر، كما حذرنا من 1994 من تقسيم العراق والسودان، ولم يستمع إلينا أحد، وبالفعل يؤكد على ذلك الخطر، المفكر كمال زاخر موسى بالأهرام 2/ 9 الجارى تحت عنوان: «مخططات التقسيم وعبثية الشجب»، فيا أيها الصديق كمال زاخر الكيان الطائفى الذى تعد أحد قادته سوف يستخدم «كحصان طروادة» لذلك المخطط الذى تحذر منه، وليس ذلك فحسب، بل ويعد المعادل الموضوعى لإثبات الجماعات الدينية مثل الإخوان والسلفيين وأيضاً يمهد الطريق للدولة الدينية التى يعد أمثالكم أول ضحاياها، فهل تسرعون بحل هذا الكيان الطائفى أو دمجه فى الجماعة الوطنية بقبول أعضاء مسلمين فى قيادته قبل فوات الأوان أم سيكون كمال زاخر ضد كمال زاخر؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة