الحديث عن الأزمة الاقتصادية ليس جديداً، لم يتوقف الحديث عن أزمات يواجهها الاقتصاد أثناء الأزمة العالمية 2008، ومرت الأزمة، وقالوا إن مصر لم تتأثر كثيراً. قال بعض خبراء الاقتصاد إن تخطى الأزمة يرجع إلى تماسك الجهاز المصرفى والسياسات الاقتصادية. وأرجعه البعض الآخر لعشوائية النظام الاقتصادى بشكل أبعده عن الأزمات. كانوا يقولون إن نسبة النمو ترتفع إلى أكثر من %7، و لم تكن الأغلبية تشعر بنسبة النمو بسبب غياب العدالة، بما يعنى أن النظام الاقتصادى قد يكون ناجحاً، بينما هو فاشل بالنسبة للمواطنين، ولا يمكن تجاهل الفساد وأثره فى سرقة نتائج أى تنمية.
كانت هذه هى الصورة قبل تنحى مبارك، وخلال عامين لم تكن الظروف مواتية تماماً لنمو طبيعى للاقتصاد، بسبب ظروف مرحلة انتقالية وتأثيرات غياب الأمن على الاستثمارات والسياحة وباقى مصادر الدخل.
وبالتالى، فالمشكلات الاقتصادية ليست وليدة اليوم، ولا يمكن تحميل نتائجها للنظام الحالى، لكنه سيكون مسؤولاً عن المستقبل، وبالتالى فنحن فى حاجة لدراسة ما كان، حتى يمكن معرفة الاتجاه الذى يجب أن يتخذه الاقتصاد فى مساراته الجديدة، والتى تحتاج العمل فى طريقين: الأول العودة لحالة الاقتصاد الطبيعية. والثانى: تعويض الفرص الضائعة خلال عامين، وهو أمر يحتاج لرؤية دقيقة تستند لمعلومات صحيحة، وأن يتم تشخيص الفرص والإمكانات بشكل واضح.
وربما يكون الاقتصاد بمعنى التوفير فى الإنفاق أهم خطوة يحتاجها العمل، ويكون توفير وتدبير الموارد أهم من خلق موارد جديدة، لأن النظام الذى لا يمكنه ضبط إنفاقه لن يستطيع تنظيم إنفاق أى موارد إضافية قادمة، لأن توفير الطاقة المهدرة يمكن أن يقلل الحاجة إلى طاقة جديدة.
هناك حاجة لاستعادة مشروعات سريعة للطاقة الشمسية يمكنها توفير الطاقة بشكل كبير، ولا مانع من عقد مؤتمر واستدعاء الخبراء للتفكير فى تنشيط مشروعات للطاقة الشمسية يمكنها أن توفر خلال سنة على الأكثر، ما يقرب من ربع الطاقة المطلوبة. ونفس الأمر فى البحث عن طرق لإنهاء فوضى مستمرة من عقود، وهى أن أعمدة الإنارة تظل مضيئة نهاراً، وهو أمر تحول إلى نكتة سخيفة أن نظل ونحن فى عالم التكنولوجيا والحواسب، نهدر الطاقة الكهربائية بهذا الشكل.
«الاقتصاد يغنى عن السؤال». ومن لا يستطيع التوفير فلن يمكنه الاستغلال الجيد للطاقة، كما أن الأفكار البسيطة يمكنها أن تقدم الحلول أكثر مما تفعل الأفكار الضخمة، والمشروعات الصغيرة قد تكون بداية لبناء اقتصاد حقيقى أكثر مما تفعله الصكوك أو الأفكار التى تصب فى نفس النهر.
ثم إن الاقتصاد مرتبط بالسياسة، كلاهما يحتاج إلى إرادة عاجلة، وروشتة واضحة. ودعوة عاجلة ومصارحة ومشاركة بدون تهوين أو تهويل.
ولاننس أن بناء الاقتصاد هو أمر مشترك تساهم فيه كل فئات الشعب ويحتاج إلى إرادة سياسية، تجمع الشمل وتنشر الطمأنينة وألا تعتمد على مغامرات غير مدروسة، قد تتسبب فى ضياع الوقت والجهد والفرص. فالأمل قد يكون بداية الإنجاز.