كانت قصة العمال والفلاحين مع الحزب الوطنى أحد مساخر السياسة وملاهى ترزية القانون، ولكنها لاتزال تتم بنفس الطريقة دون مراعاة فروق التوقيت والثورة والحرية والعدالة، ومثلما كان الحزب الوطنى يستطيع تحويل الباطل إلى حق، والأفندى إلى عامل وفلاح، أصبح لدينا ترزية يمكنهم استخدام نفس طريقة الحاوى، والبيضة والحجر، ومثلما كان الحزب الوطنى يمسك كل خيوط القانون والدستور والعرائس ومجالس الشعب والشورى. أصبح لدينا من الترزية والرفا والمصبغة ما يمكنهم من تحويل الفئات إلى عمال وفلاحين والعكس.
والنتيجة فى الحالين أنه تم تفريغ نسبة العمال والفلاحين من مضمونها، ليحتل مقاعد العمال والفلاحين أفندية ووزراء ورجال أعمال. ورأينا كيف تحول الأمر إلى مهزلة، عندما كان الحزب الوطنى يقول علنا إنه لا تراجع عن نسبة العمال والفلاحين، بينما يصبح الأفندى عاملاً والباشا فلاحا بشهادات من اتحاد العمال أو الجمعيات الزراعية، ولم يعد مجلس الشعب فيه عمال ولا فلاحون، وإنما أفندية بنكهات أو شهادات تشبه ريحة الزبدة الفلاحى.
رأينا فى انتخابات 2005 والأخيرة للحزب الوطنى كيف احتل رجال أعمال ووزراء مكان العمال، وكيف جلس اللواءات والقضاة مكان الفلاحين. وانتهت الفكرة من حماية الفئات الضعيفة إلى سرقة حقها، وكانت المطالب بأن يتم إلغاؤها أو حسم التعريفات لتكون هذه المقاعد من حق أصحابها. لكن الحزب الوطنى أبقى عليها لصالحه وفصلها على مقاس أعضائه. زاعماً أنه مع الالتزام بضوابط وشروط الدستور والقانون، بينما كانوا يلعبون بالضوابط والقانون والدستور لعبة العمال والفلاحين.
ولما قامت الثورة وجلست الجمعية التأسيسية، كانت هناك مطالب إما بإلغاء نسبة العمال والفلاحين، واستبدالها بحل عصرى، أو تحدد التعريفات لتكون المقاعد للعمال والفلاحين وليست لغيرهم. لكن المصالح لعبت دورا، والترزية أيضاً لعبوا دوراً، حيث خاف الإخوان من أن يثير إلغاء النسبة العمال والفلاحين فيغضبوا. وتفتقت شياطين الترزية عن أفكار جهنمية، حيث تم الإبقاء على نسبة العمال والفلاحين لمرة واحدة، وانتزعوا بالشمال مامنحوه باليمين.
تم الإبقاء على نسبة العمال والفلاحين إرضاء للناخبين وخوفاً من الغضب، وفى نفس الوقت تم استخدام تعريف مطاطى للعمال بحيث يكون كل من يعمل بأجر عاملاً، وعليه فقد تم دسترة الباطل وسرقة حقوق العمال والفلاحين بنفس طريقة الحزب الوطنى، وكل هذا لضمان الأغلبية، بصرف النظر عن المسميات.
لقد كان الأشرف والأكثر شفافية أن يتم إلغاء النسبة، او تحديدها بشكل واضح، بدلاً من الإبقاء عليها، شكلا وفى المضمون سرقة حقوق العمال والفلاحين.
ماذا أبقوا للحزب الوطنى وترزيته؟، بل ربما تفوق ترزية التأسيسية، لأنهم «دستروا الباطل غير الدستورى، وقننوا ما هو غير قانونى، فتفوقوا على الحزب الوطنى، ليضمنوا الأغلبية والسيطرة، كل هذا بفضل ترزية الدستور والقانون.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة