يبدو أن الإعلام سيئ السمعة، سيكون هو شماعة تبرير الجرائم القانونية التى بصدد الإقرار لتقيد حرية الرأى والإبداع وتداول المعلومات فى الفترة المقبلة، فكل من سيردد خطابا مختلفا عما ترضاه الجماعة الحاكمة، سيتم تصنيفه بسرعة شديدة على أنه من أعداء الاستقرار والنظام والشرعية، وأنه يبث إعلاما فاسدا من شأنه إثارة البلبلة وتكدير الأمن، وبالطبع ستضم تلك القائمة معظم نجوم الإعلام المصرى فى الوقت الحالى والذى يحاول النظام ترهيب أو تدجين بعضهم، وفى تلك الحالة سيتغير المشهد ولن يتبقى سوى مذيعين وشيوخ القنوات الدينية المتطرفة أو تلك التى تروج بفجاجة للجماعة الحاكمة وحزبها، أو الإعلام الرسمى الفاشل.
وكأن ثورة 25 يناير قامت للقضاء على كل مكتسبات حرية الإعلام، هكذا يتوهم القائمون على الحكم أو هؤلاء الذين يقومون بصياغة تلك القوانين المطاطة، والتى هى بالأساس قوانين سيئة السمعة، وليس الإعلام الذى يحاول توعية الناس بحقوقهم، ونقل الحقيقة كاملة وحثهم على التفكير، بدلا من لغة التلقين والضحك على العقول التى يروج لها كدابو الزفة ومهرجو الملوك فى كل العصور.. ويبدو أن النظام الحاكم لا يتعلم شيئا حتى من التاريخ القريب، والمدهش أيضا أنهم لا يدركون خطورة ما يرتكبون فى حق الدولة ومؤسساتها.. ولا أعرف هل يتخيلون أن الإعلاميين سيستسلمون بهذه السهولة.
الشيخ
عندما شاهدت المهندس أسامة الشيخ يتحدث، بعد خروجه بكفالة، إلى القنوات الفضائية، بكيت، ليس لأننى رأيت مظلوما ينصفه الله، ولكن أبكانى ثبات الرجل والثقة التى يتحدث بها، وكيف أنه استفاد من محنته، وأجمل ما قاله الشيخ هو إنه لم يخطئ ولو عاد به الزمن لفعل نفس الأشياء وخدم إعلام بلده بنفس الطريقة.
أصدق المهندس أسامة الشيخ الذى أكن له كل التقدير والاحترام، فأنا لم أكن يوما من الفريق الذى كان من حسن حظه العمل معه، لكننا جميعنا عرفنا قدر الشيخ، والجهد الحقيقى الذى بذله لتطوير اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ولمسنا ذلك بشدة عقب التدهور الحاد الذى أصابت ماسبيرو بعد الزج به إلى السجن «ككبش فداء»، وتعاقب قيادات مختلفة على المبنى أصابته بالترهل ووصلت ذروتها فى عصر الوزير الإخوانى صلاح عبدالمقصود.
وللحق، كثيرا من يدينون باعتذار لأسامة الشيخ، ذلك الرجل الذى لم يكن همه سوى خدمة إعلام بلده والنهوض به، وتعرض للكثير من النقد والحملات الضارية وقتها من قبل بعض المغرضين، رغم أنه لم يعد إلى التليفزيون المصرى بعد 10 سنوات من استقالته إلا بعد طلب من وزير الإعلام الأسبق أنس الفقى فى مهمة محددة وهى تطوير المبنى، وذلك بعد مساهماته فى إطلاق للعديد من الفضائيات العامة والخاصة، فهو أول من أسس وأدار أول قناة فضائية مصرية خاصة «قناة دريم»، وهو المصرى الوحيد الذى رأس وأدار قناة فضائية عربية خاصة «تليفزيون الراى» وساهم فى إنشاء وإدارة أكبر شبكة قنوات عربية «شبكة قنوات راديو وتليفزيون العرب ART».. وكان من أوائل من أدرك ضرورة تواجد الصحفيين على الشاشات لإثرائها وإعطائها ثقلا سياسيا وثقافيا منهم إبراهيم عيسى ووائل الإبراشى والحبيب على الجفرى وعمرو خالد، وأيضا الراحل مجدى مهنا.
ولا يستطيع أحد إنكار ارتفاع العائد الإعلانى لقطاع المتخصصة من مليونين من الجنيهات سنوياً قبل أن يتولى مسؤوليته إلى 135 مليون جنيه فى السنة الواحدة.
أسامة الشيخ أنت رجل تستحق كل التقدير، وما عانيته يضعك فى مصاف الرجال الحق، لأنك كنت محبا ومخلصا لعملك وأنجزت حقا وهذا يكفيك شرفا، وقريبا نحتفل معك بالبراءة.